ومن ناحية أخرى: ما ذكرناه في بحث الوضع: من أنه عبارة عن التعهد والالتزام النفساني (1).
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين: هي وضع مادة الأمر أو ما شاكلها بطبيعة الحال لما ذكرناه، أي: للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفساني، لا للطلب والتصدي، ولا للبعث والتحريك. نعم، إنها كصيغتها مصداق للطلب والتصدي والبعث والتحريك، لا أنها معناها.
وبكلمة أخرى: أننا إذا حللنا الأمر المتعلق بشئ تحليلا موضوعيا فلا نعقل فيه سوى شيئين:
أحدهما: اعتبار المولى ذلك الشئ في ذمة المكلف من جهة اشتماله على مصلحة داعية إلى ذلك.
وثانيهما: إبراز ذلك الأمر الاعتباري في الخارج بمبرز كمادة الأمر أو نحوها، فالمادة أو ما شاكلها وضعت للدلالة على إبراز ذلك الأمر الاعتباري النفساني، لا للطلب، ولا للبعث والتحريك.
نعم، قد عرفت أن المادة أو ما شاكلها مصداق للطلب والبعث، ونحو تصد إلى الفعل، فإن الطلب والبعث قد يكونان خارجيين، وقد يكونان اعتباريين، فمادة الأمر أو ما شابهها مصداق للطلب والبعث الاعتباري، لا الخارجي، لوضوح أنها تصد في اعتبار المولى إلى إيجاد المادة في الخارج، وبعث نحوه، لا تكوينا وخارجا كما هو ظاهر.
ونتيجة ما ذكرناه أمران:
الأول: أن مادة الأمر أو ما شاكلها موضوعة للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفساني في الخارج، وهو اعتبار المولى الفعل على ذمة المكلف، ولا تدل على أمر آخر ما عدا ذلك.
الثاني: أنها مصداق للطلب والبعث، لا أنهما معناها.