آكد، حيث إنه أخبر بوقوع مطلوبه في مقام طلبه إظهارا بأنه لا يرضى إلا بوقوعه، فيكون آكد في البعث من الصيغة، كما هو الحال في الصيغ الإنشائية، على ما عرفت من أنها أبدا تستعمل في معانيها الايقاعية، لكن بدواع اخر كما مر.
لا يقال: كيف؟ ويلزم الكذب كثيرا، لكثرة عدم وقوع المطلوب كذلك في الخارج تعالى الله وأولياؤه عن ذلك علوا كبيرا.
فإنه يقال: إنما يلزم الكذب إذا أتى بها بداعي الإخبار والإعلام، لا لداعي البعث، كيف؟ وإلا يلزم الكذب في غالب الكنايات، فمثل " زيد كثير الرماد " أو " مهزول الفصيل " لا يكون كذبا إذا قيل كناية عن جوده ولو لم يكن له رماد وفصيل أصلا، وإنما يكون كذبا إذا لم يكن بجواد، فيكون الطلب بالخبر في مقام التأكيد أبلغ، فإنه مقال بمقتضى الحال. هذا، مع أنه إذا أتى بها في مقام البيان فمقدمات الحكمة مقتضية لحملها على الوجوب، فإن تلك النكتة إن لم تكن موجبة لظهورها فيه فلا أقل من كونها موجبة لتعينه من بين محتملات ما هو بصدده، فإن شدة مناسبة الإخبار بالوقوع مع الوجوب موجبة لتعين إرادته إذا كان بصدد البيان مع عدم نصب قرينة خاصة على غيره، فافهم) (1).
نلخص ما أفاده (قدس سره) في عدة نقاط:
الأولى: أن دلالة الجمل الفعلية التي تستعمل في مقام الإنشاء على الوجوب أقوى وآكد من دلالة الصيغة عليه، نظرا إلى أنها تدل على وقوع المطلوب في الخارج في مقام الطلب، ومن الطبيعي أن مرد ذلك إلى إظهار الأمر بأنه لا يرضى بتركه وعدم وقوعه أبدا. وبطبيعة الحال أن هذه النكتة تناسب مع إطار الوجوب والحتم وهي تؤكده، وحيث إن تلك النكتة منتفية في الصيغة فلأجل ذلك تكون دلالتها على الوجوب أقوى من دلالتها عليه.
وإن شئت قلت: إن الجمل الفعلية في هذا المقام قد استعملت في معناها، لا