تكون تلك الصفة أمرا زائدا عليها، وتحتاج في بيانها إلى مؤنة زائدة في مقام الإثبات.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي: هي أن المولى إذا أمر بشئ وكان في مقام البيان ولم ينصب قرينة على إرادة الجامع بين الإرادة الشديدة والضعيفة فقضية الإطلاق وعدم نصب قرينة على إرادة المرتبة الضعيفة هي حمل الأمر على بيان المرتبة الشديدة، حيث قد عرفت أن بيانها لا يحتاج إلى مؤنة زائدة دون بيان المرتبة الضعيفة، وبذلك نثبت إرادة الوجوب الذي هو طابع مثالي لتلك المرتبة من الإرادة.
وقد تحصل من ذلك أمران:
الأول: أن الوجوب ليس بمدلول وضعي للصيغة، وإنما هو مستفاد من الإطلاق ومقدمات الحكمة.
الثاني: أن مدلولها الوضعي إنما هو الطلب الجامع فلا تدل بالدلالة الوضعية إلا عليه.
ولنأخذ بالمناقشة عليه من وجوه:
الأول: أن ما أفاده (قدس سره) من اختلاف الإرادة باختلاف الأوامر وجوبا وندبا لا يتم في الأوامر الشرعية، وإنما يتم في الأوامر العرفية. فلنا دعويان:
الأولى: عدم تمامية ما أفاده (قدس سره) في الأوامر الشرعية.
الثانية: تماميته في الأوامر العرفية.
أما الدعوى الأولى: فلأن الإرادة التكوينية التي هي عبارة عن الشوق النفساني المحرك للإنسان نحو المراد إنما يعقل تعلقها بفعل الغير إذا كانت فيه مصلحة عائدة إلى ذات المريد أو إلى إحدى قواه، ولا يعقل تعلقها بما لا تعود مصلحته إليه، بداهة أن الشوق النفساني إلى شئ بنفسه لا يعقل إلا عن فائدة عائدة إلى الفاعل، وذلك غير متحقق في الأحكام الشرعية، فإن مصالح متعلقاتها تعود إلى المكلفين دون الشارع، نظير أوامر الطبيب حيث إن مصالح متعلقاتها تعود إلى المرضى دونه.