لعروض العجز.
ومن هنا يظهر ما في بعض ما أفاده في هذه المسألة من المناقشة في كون الخروج ممتنعا، لإمكان تركه، وقال: " والذي امتنع عليه هو مقدار من الكون في المغصوب الذي يحصل بالخروج تارة، وبتركه أخرى، ولكن ذلك لا يقتضي امتناع الخروج، لأن الاضطرار إلى الجامع لا يلازم الاضطرار إلى ما يحصل به " (1) انتهى.
بداهة أن المحرم بعد الدخول أيضا هو التصرف، وهو بالنسبة إليه مضطر، سواء كان بالبقاء، أو بالخروج، فما هو مورد التكليف هو مورد الاضطرار لا الجامع، وسيمر عليك توضيحه في بيان الدعوى الثالثة إن شاء الله تعالى.
أقول: قد مر منا فيما سلف إيصاء أهل الفضل وعلماء الفنون بأن لا يدخلوا البيوت إلا من بابها، ولا يترخص الدخول في كل فن إلا لمن كان أهلا له، ومجرد أن قرع سمع الانسان " أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار " لا يجوز التمسك به حتى يلزم ما لزم في كلمات المستدلين بها في الأصول، وتفصيله على الوجه الصحيح قد سبق في مباحث الطلب والإرادة (2)، ولا حاجة إلى إعادته.
ولنعم ما قاله المحقق الوالد - مد ظله -: من استظهار خلطهم بين هذه القاعدة وقاعدة عقلائية وهي: " أن الاضطرار إلى المحرم أو ترك الواجب إذا كان بسوء الاختيار، لا ينافي صحة العقوبة عرفا، وإن كان ينافي التحريم الفعلي الشرعي مثلا " (3) فلاحظ وتدبر جيدا.