تصح العقوبة على التصرفات الخروجية والبقائية إذا كان بسوء الاختيار، وذلك هو حكم العقلاء في هذه المرحلة.
أقول: هذا ما هو مختار العلامة الخراساني (رحمه الله) (1) وجماعة من الأفاضل (2).
ويتوجه إليه أولا: أن مطلق الخروج لا يلازم صحة العقوبة، كما إذا كان لأجل التخلص من الغصب بعد الندامة عن ارتكاب المحرم.
وثانيا: أن صحة العقوبة منوط بالتكليف، وإذا عجز المولى عن إرادة التحريم فلا حجة له على العبد، بل الأمر بالعكس، فيحتج العبد على تصحيح ارتكابه بأنه لا يريد منه ذلك، فإطلاق أدلة التحريم إذا كان قاصرا عنه في هذه الصورة، فلا كاشف عن المبغوضية للمولى، كما مر تفصيله في الأوامر إذا سقط الأمر لأجل المزاحمة (3).
نعم، لأحد دعوى العلم الوجداني بمبغوضية المادة، ولكنه ليس إلا من باب العلم الأيقوني فتأمل.
ومن هنا يظهر: أن ما صدقه الأستاذ البروجردي، من استحسان العقاب إذا كان الخروج كالدخول غير مقترن بالندامة (4)، في غير محله، ضرورة أن سقوط التكليف يلازم الشك في جواز العقاب، فيقطع بعدمه. ومن العجب تصديق الوالد - مد ظله - هؤلاء الجماعة (5)!!
نعم، يمكن دعوى: أن صحة العقوبة كانت منجزة بالتحريم السابق، ويشك في صحتها، فيبقى على حال تنجزه بحكم العقلاء، كما في بعض موارد العلم الاجمالي فتدبر.