ومن سادس يفصل بين ما إذا كان قصده حال الخروج إفراغ مال الغير ورده فيكون حسنا، ولا يستحق العقوبة، وما إذا لم يكن قصده ذلك (1).
وإلى كل واحد ذهب عين من أعيان الطائفة (رحمهم الله).
والذي هو الحق إمكان الالتزام بالحرمة والوجوب، حسب القواعد الأولية، والأدلة الواقعية الأولية، وإمكان رفع الحرمة، حسب الأدلة الواقعية الثانوية، فيبقى الوجوب على عنوانه ثابتا، دون الحرمة، وسيظهر بتفصيل إن شاء الله تعالى.
هذا من غير فرق بين كون الدخول والابتلاء بالمحرم بسوء الاختيار، أم كان لا بسوء الاختيار.
ضرورة أنه إذا لم يكن بسوء الاختيار، لا يخرج عن موضوع الأدلة حسب الواقع، فإنها تمنع عن التصرف في مال الغير، عالما كان أو جاهلا، وتوجب رد مال الغير، عالما كان أو غافلا، فلو ابتلي بأكل الميتة، أو بالخروج من الأرض المغصوبة لا بسوء الاختيار.
فأدلة حرمة أكل الميتة - حسب إطلاقها الأولي - تمنعه عنه، وهكذا أدلة حرمة التصرف في مال الغير، وأدلة وجوب حفظ النفس ورد مال الغير تبعثه إليهما، لاشتراك الكل في الأحكام الإلهية القانونية الكلية.
نعم، إذا لم يكن بسوء الاختيار، وكان هناك إيجاب شرعي لارتكاب ما يؤدي إليه، فهو كلام آخر مر في بحوث مقدمة الواجب (2) وفي مسألة الضد (3)، ويصير داخلا في بحث التزاحم حسب التحقيق الذي عرفت منا في محله (4).