ومن هنا يظهر: أن الأقوال الآتية إذا كانت ترجع إلى إنكار الوجوب على الإطلاق، أو إثبات وجوب بعض العناوين المشار إليها، فهي أيضا غير ما مر ومخدوشة.
وإنما الكلام في ناحية الحرمة، وأنه هل يمكن الالتزام بحرمة التصرف الخروجي، وحرمة أكل الميتة، إذا كان يضطر إليه ولو كان بسوء الاختيار، أم لا؟
والذي هو أساس الشبهة: أن التحريم يتوقف على القدرة على الامتثال، وإذا كانت هي منتفية ولو بالاختيار فلا يعقل التحريم والزجر، كما في ناحية الأمر والبعث، فإذا كان مضطرا عقلا إلى الخروج، فكيف يعقل الزجر عن التصرف الخروجي، والمنع عن التصرف، مع أن الفراغ والتخلية بين المغصوب ومالكه، بالخروج والتصرف؟! فلا يتمكن المولى الملتفت إلى هذه النكتة من ترشيح الإرادة الجدية الزاجرة المتوجهة إلى العبد المبتلى بذلك ولو كان بسوء الاختيار، كما هو مفروض الكلام، ومحل النزاع بين الأعلام.
وبالجملة: قد اختلفوا في هذه الناحية اختلافا شديدا يبلغ أقوالهم إلى الخمسة، أو الستة، فمن قائل يدعي الحرمة والوجوب (1).
ومن قائل يدعي الحرمة دون الوجوب (2).
ومن ثالث يعكس الأمر (3).
ومن رابع يختار عدم الوجوب والحرمة.
ومن خامس ينكر الوجوب والحرمة، ويقول بصحة العقوبة (4).