وبعبارة أخرى: في تلك المسألة إما نقول بأن النهي المتعلق بالعبادة أو المعاملة، يوجب الفساد، فيلزم المشابهة بين المسألتين، وأما إذا قلنا: بأنه لا يقتضي الفساد، فلا بد من عقد هذا البحث، والسؤال عن كيفية إمكان الجمع بين الأمر المفروض تعلقه، والنهي غير الموجب للفساد، فلا يغني البحث الآتي عن هذه المسألة بالضرورة.
وإن شئت قلت: هذه المسألة من صغريات باب التزاحم، والمسألة الآتية من صغريات باب التعارض، إن بنينا على أن النهي إرشاد إلى الفساد، وأما إذا بنينا على أن النهي تكليف صرف، فيكون صغرى لهذه المسألة، كما لا يخفى.
ومن العجب أن الأصحاب حتى الوالد المحقق - مد ظله - وقعوا فيما لا ينبغي، فبحثوا أولا عن امتياز المسائل وما به الامتياز، ثم عن بعض الفروق المذكورة في الكتب، فأطالوا مالا داعي إلى إطالته (1)!!
وتوهم بعض آخر منهم: أن نتيجة هذه المسألة صغرى لتلك المسألة، وهو أنه إن قلنا بالسراية، فيلزم تعلق النهي بالعبادة (2)، وأنت قد أحطت خبرا بأن مسألة السراية من الأباطيل (3).
ولا حاجة إلى تلك البحوث، بل نتيجة تلك المسألة صغرى لهذا المسألة، وهو أنه إذا قلنا: بأن النهي في العبادة أو المعاملة لا يكون مفسدا، فيكون تكليفا ومستلزما للصحة، فيلزم اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد، مع كون المتعلقين مختلفين، كما هو المعلوم المفروض.
وثالثا: أن النهي لا ينحل إلى النواهي كما مر (4)، ولو انحل فلا يسري إلا إلى