الأساس العلمي الصلب (الحجة) لا يكتسب الاجتهاد قيمة علمية، والشك في حجية الحجة يساوق انتفاء الحجة رأسا. وعلى هذا الأساس يكون كل ما يؤدي إليه اجتهاد المجتهد من أحكام شرعية أو وظائف شرعية أو عقلية حكما أو وظيفة يقينية لا بد أن ينتهي ويؤول أمره إلى أساس يقيني وهو ما يسمى ب (الحجة) في المصطلح الأصولي.
كتاب المعارج يتميز بمنهجية جيدة سواء في مجمل أبحاث الكتاب أو في كل بحث، ففي بحث الأوامر مثلا يبحث أولا عما يتعلق بصيغة الأمر (1) ثم يتحدث بعد ذلك عن المأمورية (2) وهو تقسيم جيد يوزع البحث في الأوامر إلى شطرين مختلفين.
والمحقق يصب بحوث الأصول في هذا الكتاب ضمن عشرة أبواب يبدأ فيها بالبحوث اللغوية من قبيل الحقيقة والمجاز، ثم يدخل بعد هذا التمهيد في مباحث الأوامر والنواهي، ثم يبحث عن العام والخاص والمجمل والمبين، ويكاد يكون هذا المنهج هو المنهج الشائع اليوم في كتب الأصول في قسم مباحث الألفاظ أما في القسم الثاني من الكتاب فيبحث عن: الحجة، السيرة، الاجماع، الخبر الواحد، ثم يبحث عن تعارض الحجة ونسخ الحجة (الدليل) ثم يختم الكتاب يبحث عن الاجتهاد والتقليد.
وهذا التصنيف كما يلاحظ القارئ تصنيف جيد للبحث الأصولي بمقاييس تلك المرحلة.
ونقطة الفراغ والخلاء في هذا المنهج هو مباحث الأصول العملية التي تشغل اليوم مساحة واسعة من البحث الأصولي، بينما لا نجد في المعارج شيئا بارزا في هذا المجال، وهو أمر طبيعي في تلك المرحلة من عمر المدرسة الأصولية عند الشيعة الإمامية.
ومهما يكن من أمر فإن كتاب المعارج للمحقق الحلي من خير ما كتبه قدماء