دور الحلة في الحد من هجوم التتار:
كان سقوط بغداد أمرا حتميا لا مفر منه وكان رجال المسلمين في العراق ينظرون إلى هذه الحقيقة المأساوية بأسى وأسف بالغين، فلم يكن للخليفة العباسي المستعصم قدرة على صد الهجوم وإحباطه، ولم يكن لديه استعداد على امتصاص ضراوة التتار ببعض الهدايا والتنازلات، كما اقترح عليه وزيره مؤيد الدين ابن العلقمي، وبقيت بغداد بين ضعف الخليفة العباسي وغروره واعتداده بنفسه مهددة بالخطر الحقيقي من قبل هولاكو، وظل المسلمون ينظرون إلى هذا الخطر المقبل على قلب العالم الاسلامي بجزع.
وتمت محاصرة بغداد من قبل التتار فكان لا بد من عمل سريع من قبل رجال المسلمين بعد عجز الخليفة عن درء الخطر عن نفسه وعن مركز سلطانه بغداد للحد من الخسائر وتقليلها مهما أمكن، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم وتراثهم وأفكارهم من الغزو المغولي الذي يطوق بغداد.
وكانت مدينة الحلة يومذاك من أهم المراكز العلمية في العراق، وكانت هذه المدينة مركزا معروفا للشيعة يسكنها في أوان هذه المحنة علماء بارزون من الشيعة من أمثال المحقق الحلي والإمام سديد الدين يوسف بن علي بن مطهر - والد العلامة - والإمام رضي الدين ابن طاووس والسيد مجد الدين محمد بن الحسن بن طاووس والفقيه ابن أبي العز، وغيرهم من رجال الشيعة وزعمائها وأصحاب الشأن منهم.