ذلك عندي ما رويته باسناد متصل أن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل المسجد وبه رجل قد أطاف به جماعة فقال: ما هذا؟ قالوا: علامة، فقال: ما العلامة؟ قالوا:
عالم بوقائع العرب وأنسابها وأشعارها، فقال عليه الصلاة والسلام: ذلك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه.
ومن البين أن الإجادة فيه تفتقر إلى تمرين الطبع وصرف الهمة إلى الفكر في تناسب معناه ورشاقة ألفاظه وجودة سبكه وحسن حشوه تمرينا متكررا حتى يصير خلقا، وكما أن ذلك سبب الاستكمال فيه فالاهمال سبب القصور عنه، وإلى هذا المعنى أشرت من جملة أبيات:
هجرت صوغ قوافي الشعر مذ زمن * هيهات يرضى وقد أغضبته زمنا وعدت أوقظ أفكاري وقد هجعت * عنفا وأزعج غربي بعد ما سكنا إن الخواطر كالآبار إن نزحت * طابت وإن يبق فيها ماؤها أجنا فاصفح شكرت أياديك التي سلفت * ما كنت أظهر عيبي بعد ما كمنا ولمكان إضرابي عن نظمه واعراضي حتى ذكر اسمه لم يبق إلا ما هو حقيق أن يرفض ولا يعرض ويضمر ولا يظهر، لكني مع ذلك أورد ما أدخل به في حيز الامتثال وإن كان ستره أنسب بالحال فمنه:
وما الاسراف من خلقي وإني * لأجزأ بالقليل عن الكثير ولا أعطي المطامع لي قيادا * ولو خودعت بالمال الخطير واغمض عن عيوب الناس حتى * أخال بأن يناجيني ضميري وأحتمل الأذى في كل حال * على مضض وأعفو عن كثير ومن كان الإله له حسيبا * أراه النجح في كل الأمور ومنه:
يا راقدا والمنايا غير راقدة * وغافلا وسهام الدهر ترميه بم اغترارك والأيام مرصدة * والدهر قد ملأ الأسماع داعيه أما أرتك الليالي دخلتها * وغدرها بالذي كانت تصافيه