هناك حاجة حقيقية إلى شئ أكثر من ذلك في ذلك الوقت. ذلك كله لم يكن يعتبر منهجا متكاملا لعلم الأصول أما علم الأصول عند السنة فقد بدأه في وقت مبكر محمد بن إدريس الشافعي المتوفى سنة 204 من الهجرة.
يقول الفخر الرازي من مناقب الشافعي: كانوا قبل الإمام الشافعي يتكلمون في مسائل أصول الفقه ويستدلون ويعترضون، ولكن ما كان لهم قانون كلي مرجوع إليه في معرفة دلائل الشريعة وفي كيفية معارضاتها وترجيحاتها، فاستنبط الشافعي علم أصول الفقه، ووضع للخلق قانونا كليا يرجع إليه في معرفة مراتب أدلة الشرع، فثبت أن نسبة الشافعي إلى علم الشرع كنسبة أرسطاطاليس إلى علم العقل (1) أما الشيعة الإمامية فقد بدأوا بتدوين علم أصول الفقه بصورة منهجية ومنظمة بعد عصر الغيبة عام 329 لانتفاء الحاجة إلى هذا العلم قبل هذا الوقت بأكثر من القواعد والنصوص الواردة في روايات أهل البيت عليهم السلام، وفي أغلب الظن أن أول من كتب في هذا العلم من فقهاء الإمامية هما القديمان الشيخ جليل حسن ابن علي بن أبي عقيل من مشايخ جعفر بن محمد بن قولويه، والشيخ محمد بن أحمد ابن الجنيد أبو علي الكاتب الإسكافي المتوفى بري سنة 381 أستاذ الشيخ المفيد (2) ثم كتب من بعد هما تلميذ هما الشيخ المفيد المتوفى سنة 413 رسالة موجزة في الأصول ذكره الشيخ الطهراني في الذريعة (3) نقلا عن النجاشي وقال: إن الكراجكي أدرجها باختصار في كتابه كنز الفوائد وهو مشتمل على تمام مباحث الأصول.
ثم جاء دور تلميذ المفيد وهو علم الهدى السيد المرتضى المتوفى سنة 436 ه فألف " الذريعة إلى أصول الشيعة " وهو أول كتاب منهجي في الأصول للشيعة.