هجرت صوغ قوافي الشعر من زمن * هيهات يرضى وقد أغضبته زمنا وعدت أوقظ أفكاري وقد هجعت * عنفا وأزعجت عزمي بعد ما سكنا إن الخواطر كالآبار إن نزحت * طابت وإن يبق فيها ماؤها أجنا فافصح شكرت أياديك التي سلفت * ما كنت أظهر عيبي بعد ما كمنا (1) وأما الرسالة التي تحدثنا عنها فهي رسالة يكتبها المحقق إلى أحد مشايخه وينقلها الشهيد في مجموعته، وهي بخط الشيخ محمد بن علي العاملي الجباعي جد الشيخ البهائي ينقلها العلامة السيد محسن الأمين - رحمه الله - في أعيان الشيعة (2) ونحن ننقل هذه الرسالة بالنص من الأعيان فهي نموذج من نماذج النثر الغني عند المحقق, وفي نفس الوقت يعكس لنا قصة المحقق - رحمه الله - مع الشعر، وإليك الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم، لما وقفت على ما أمر به الصاحب الصدر الكبير العالم الكامل العارف المحقق بهاء الدنيا والدين غياث الاسلام والمسلمين - أدام الله أيامه في عز مؤيد وفخر ممهد ومجد مجدد، ونعمة قارة العيون باسقة الغصون، دارة الحلب حميدة المنقلب، محروسة الجوانب مرصونة من الشوائب - وتأملت ما برز عنه من الألفاظ التي هي أعذب من الماء الزلال وأطيب من الغنى بعد الاقلال، فهي التي يعجز الطامع ببديعها ويعجب السامع حسن جمعها وترصيعها، فكأن الشاعر عناه بقوله:
ولا ذنب للأفكار أنت تركتها * إذا احتشدت لم ينتفع باحتشادها تنوء بإيراد المعاني وألفت * خواطرك الألفاظ بعد شرادها فإن نحن حاولنا اختراع بديعة * حصلنا على مسروقها أو معادها وليس بمستغرب تفرده ببديع النثر والنظم مع ما وهبه الله سبحانه من جودة القريحة وقوة الفهم، نسأل الله أن يديم لفضلاء الآداب ورؤساء الكتاب ما كنفهم