علا الصليب على أعلى منابرها * وقام بالأمر من يحويه زنار وكم حريم سبته الترك غاصبة * وكان من دون ذاك الستر أستار وكم بدور على البدرية انخسفت * ولم يعد لبدور منه أبدار وكم ذخائر أضحت وهي شائعة * من النهاب وقد حازته كفار وكم حدود أقيمت من سيوفهم * على الرقاب وحطت فيه أوزار ناديت والسبي مهتوك تجر بهم * إلى السفاح من الأعداء دعار (1) ولسنا نستطيع أن نقدر الخسارة التي لحقت بالاسلام وبالبشرية في هذه النكبة التي حلت بمدينة السلام، كما نجزم أن الخسارة الواسعة التي حلت بعاصمة العباسيين في القرن السابع الهجري لم تعوض بالمعنى الدقيق للكلمة إلى اليوم الحاضر، ولو لم تتعرض بغداد لهذه النكبة لكان تاريخ المسلمين غير هذا التاريخ، وكان للاسلام والمسلمين شأن آخر على وجه الأرض غير هذا الشأن.
مؤيد الدين ابن العلقمي:
أما كيف حدث هذا الحريق الهائل في مركز العالم الاسلامي وكيف تمزقت هذه الدولة الكبرى وتقطعت أوصالا على يد المغول فهو فصل آخر من فصول مأساة المسلمين في التاريخ. أما الذين لا يريدون أن يجهدوا أنفسهم من المؤرخين في أسباب هذه النكبة الكبرى التي أحلت بالمسلمين ولا يريدون أن يدخلوا إلى عمق هذا الجرح النازف في تاريخ الاسلام... فالجواب عندهم جاهز لا يحوجهم إلى تفكير... فقد تعود هؤلاء أن يلتمسوا لكل نكبة تحل بالمسلمين سببا في شيعة أهل البيت، ولا يطول هذه المرة وقوفهم عند هذه القضية. فهذا مؤيد الدين ابن العلقمي الذي استوزره المستعصم العباسي آخر خلفاء بني العباس معروف بالتشيع فلم لا يكون هو الذي يتحمل إثم هذه النكبة؟ ثم لا تسأل عن الدليل، فإن المؤلفين