يجتمعان رتبة؟ وحينئذ، فلا قصور في حكم العقل بمبغوضيته بمناط مبغوضية العصيان، وهذه المبغوضية غير [ناشئة] عن المفسدة في العمل، كي [تضادها] في المقام مصلحته حسب الفرض، بل العقل يشمئز منه مستقلا، ولذا نقول: إن هذا الحسن غير موجب لإثبات حكم شرعي مولوي، ولو بنينا على الملازمة بين الشرع والعقل في بحث الملازمة كما لا يخفى، وحينئذ، فصح لنا دعوى أن بمثل هذه المبغوضية لدى العقل - ولو كان الشرع يتبع العقل أيضا في ذلك - لا يكاد ينقلب الواقع من المحبوبية القائمة بالذات في الرتبة السابقة [على] الإرادة والاشتياق، [التي هي] رتبة شأنية وجود المصلحة المؤثرة في مبادئ وجودها وفعلها، كما هو ظاهر للنظر العميق، هذا كله في الجواب عن الشبهة الأولى.
وأما عن الشبهة الثانية: فبأنه لو فرض قيام المبغوضية بالجامع بين العصيان والتجري، لا يحتاج في حكمه بالاستحقاق إلى التفاته إلى الخصوصية، بل يصير نظير من شرب الخمر بخيال كونه متخذا من العنب وهو متخذ من التمر في كفاية مجرد الالتفات إلى مبغوضية الجامع من مثل الطغيان على المولى، كما هو ظاهر.
وبالجملة نقول: لا يبقى مجال لرفع اليد عن حكم العقل [بمبغوضية] العمل بمثل هذا البيان، لا بالبيان السابق، لما عرفت من عدم اقتضائه الانقلاب المزبور، ويؤيد ما ذكرنا ملاحظة الانقياد في المبغوضات الواقعية، إذ لا اشكال ظاهرا في حسنه كما يشهد له تصريحهم بحسن الاحتياط، مع أنه في تقدير ليس إلا انقيادا، فلا مجال للجزم بحسنه إلا مع الالتزام بحسن الانقياد.
وتوهم أن الثواب فيه تفضلي، يدفعه تصريحهم بحسنه، وهو يأبى عن صرف التفضل، مع أن بناء مثل شيخنا العلامة (1) على كفاية حسنه في التقرب في احتياط العبادات، وهو أيضا يأبى عن التفضل.