فقد يقال إن الالتزام باستحقاق العقوبة على العمل المزبور ملازم لمبغوضيته، ولو بهذا العنوان الثانوي لدى المولى، وذلك ملازم لانقلاب الواقع عما هو عليه من المحبوبية، فيصير محبوب المولى مبغوضا له، بمحض تخلف قطع عبده عن الواقع، والوجدان السليم يأبى عن ذلك. مضافا إلى عدم التفات القاطع إلى مخالفة قطعه كي يصير موضوع حكم العقل باستحقاقه.
وقد يستشكل في الوجه الأول: بأن هذه المبغوضية في رتبة متأخرة عن الجهل بواقع مرام المولى، وبديهي أنه لا [تضاد] مع ما هو محفوظ في الواقع كي يوجب الانقلاب، كما هو الشأن في كل أمارة على خلاف الواقع، لما سيجئ بيانه في مقام دفع شبهة ابن قبة في كلية جعل الطرق.
وفيه أن ذلك كذلك لو كانت مصلحة الذات - أيضا - غير مقتضية لحفظ المرام، حتى في مرتبة الجهل به، كما هو شأن خطابه الآبي عن شمول مرتبة الجهل بنفسه.
وأما مع إطلاق قيام المصلحة بالذات، فهي مقتضية لحفظه حتى في رتبة الجهل بخطابه. غاية الامر: الخطاب الواقعي لما كان آبيا عن الشمول لها، فلا محيص في حفظه من خطاب آخر متوجه إليه في ظرف الجهل المزبور، وحينئذ، ربما اقتضت مصلحة التسهيل أو جهة أخرى، الاغماض عن حفظه في ظرف الجهل بخطابه، كما هو الشأن في موارد جعل الطرق أو الترخيصات الظاهرية الأصلية.
ولكن هذا المقدار لا يوجب إلا [قصور] إرادته عن الشمول لهذه المرتبة.
وأما مرتبة محبوبيته الملازمة لإطلاق المصلحة فهي باقية على [حالها]، وحينئذ في هذه المرتبة، إن لم يكن فيه جهة مبغوضية في البين - كما هو الشأن في موارد الأوامر الطرقية وكلية الترخيصات الشرعية - فلا إشكال فيه.
وأما إذا كان في هذه المرتبة - أيضا - [قد] انطبق عليه عنوان مبغوض كالتجري مثلا، يلزم حينئذ انقلاب حال المولى بمحض تخلف طريق عبده،