وحينئذ يكون مثل هذه الرواية مساوقا لنص آخر من قوله: " كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه " (1)، إذ المنساق منه - كما قيل (2) - إن كل كلي فيه فرد حلال فهو بجميع أنحائه حلال، حتى تعرف الحرام من أفراده مشخصا في الخارج. وحينئذ، لا يشمل كليا يحتمل أنه لا حلال فيه.
ولكن يمكن أن يقال في البين - أيضا - [إن] بعض الكليات التي فيها نوع حلال ونوع حرام، كاللحم بالإضافة إلى الغنم والأرنب، فيشمله العموم، وتثبت به حلية الفرد الثالث المشتبه مثل لحم الحمير، وأن وجود الفردين المعلومين فيه - أيضا - منشأ الاشتباه في الفرد الثالث من لحم الحمير، كما هو الشأن في الشبهات المصداقية، إذ وجود الفردين فيه - أيضا - منشأ الاشتباه [في الفرد] الثالث، وأن المراد من الغاية معرفة الحرام في دائرة الشبهات كليا كان أو جزئيا.
وتوهم أن المراد من الرواية: حلية ما علم من الفردين في الكلي، بنحو الاجمال فلا يشمل الفرد الثالث، مدفوع بأن لازم ذلك شمول الرواية لطرفي العلم الاجمالي، بل و [اختصاصها] به، ولازمه طرح الرواية رأسا بملاحظة علية العلم، ولو للمخالفة القطعية (3).
وحينئذ، فلا محيص من حمل الرواية على المعنى الأول، وأن العلم التفصيلي بوجود الفردين منشأ للشك وعدم الغفلة عن وجود الحرام، لمحض الالتفات إلى وجود حرام فيه ولو تفصيلا.