لموارد الجهل بالخطاب الواقعي أوضح، فيساوق - حينئذ - مفاده لمفاد حديث الرفع السابق. وكان إباؤه عن الحمل [على] مفاد ما سكت أوضح.
وتوهم جعل " ما حجب " - حينئذ - من العناوين المشيرة إلى نفس ذات تعلق [بها] حجب علمه، فيصير مفاده وضعه بوجوده واقعا مدفوع - علاوة [على] كونه خلاف [ظاهر] العنوانية في كل ما أخذ في حيز الخطاب - [بأن] الظاهر منه: أن حجب علمه علة وضعه، فقهرا يكون الوضع في الرتبة المتأخرة عن الواقع، لا نفس الواقع، فتدبر. وحينئذ، لا مجال لحمل النص على صرف سكوته عن الواقع بلا تعرض لظرف الجهل بمرامه، كي لا يرتبط بالمقام، كما أشرنا، فتدبر.
ومنها: قوله (عليه السلام) " لا " في جواب من قال: " من لم يعرف شيئا، هل عليه شئ؟... " (1) بتقريب: أن مورد السؤال فرض كل شئ لا يعرفه. وأن المراد من قوله " لا ": عدم عقوبة عليه، ولا كلفة، بجعل الشئ الثاني في كلام السائل عبارة عن العقوبة أو الكلفة، وأن الغرض من نفي العقوبة [نفيها] تشريعا، ولو بنفي [منشئها] من إيجاب احتياط عليه، فيصح مثله - أيضا - ردا على الأخباري.
نعم لو أريد من قوله: " لم يعرف شيئا " غفلته عن جميع أحكامه - كما قد يتفق في أهل البوادي - أو أريد من قوله: " لا " نفيه إرشادا إلى قبحه بلا بيان فلا يصلح - حينئذ - ردا على الأخباري، إذ الأول واضح، وهكذا الأخير، لأنه - حينئذ - عبارة عن الكبرى المسلمة عند الطرفين.
ولكن الانصاف [أن] حمل عدم المعرفة على فرض الغفلة بعيد جدا. غاية