ونحن ندعي أن العقل حاكم - بعد العلم بالوجوب والشك في الواجب، وعدم الدليل من الشارع على الأخذ بأحد الاحتمالين المعين أو المخير والاكتفاء به من الواقع - بوجوب الاحتياط، حذرا من ترك الواجب الواقعي، وأين ذلك من مسألة التكليف بالمجمل وتأخير البيان عن وقت الحاجة؟
مع أن التكليف بالمجمل وتأخير البيان عن وقت العمل لا دليل على قبحه إذا تمكن المكلف من الإطاعة ولو بالاحتياط.
وأما ما ذكره تبعا للمحقق المذكور: من تسليم وجوب الاحتياط إذا قام الدليل على وجوب شئ معين في الواقع غير مشروط بالعلم به، ففيه:
أنه إذا كان التكليف بالشئ قابلا لأن يقع مشروطا بالعلم ولأن يقع منجزا غير مشروط بالعلم بالشئ (1)، كان ذلك اعترافا بعدم قبح التكليف بالشئ المعين المجهول، فلا يكون العلم شرطا عقليا، وأما اشتراط التكليف به شرعا فهو غير معقول بالنسبة إلى الخطاب الواقعي، فإن الخطاب الواقعي في يوم الجمعة - سواء فرض قوله: " صل الظهر "، أم فرض قوله: " صل الجمعة " - لا يعقل أن يشترط بالعلم بهذا الحكم التفصيلي.
نعم، بعد اختفاء هذا الخطاب المطلق يصح أن يرد خطاب مطلق، كقوله: " اعمل بذلك الخطاب ولو كان عندك مجهولا، وائت بما فيه ولو كان غير معلوم "، كما يصح أن يرد خطاب مشروط، وأنه لا يجب