ويجوز أن يكون مصدرا من قولك: كتبت كتابا، والمراة به كتب الله التي أنزلها على أنبيائه. وفي افراده ضرب من الايجاز، واشعار بالتفصيل في الاعتقاد، ومعناه:
انكم تصدقون بها في الجملة والتفصيل من حيث تؤمنون بما أنزل على إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله، وعليهم وسائر الأنبياء، وهم لا يصدقون بكتابكم.
(وإذا لقوكم قالوا آمنا) معناه: إذا رأوكم قالوا: صدقنا (وإذا خلوا) مع أنفسهم (عضوا عليكم الأنامل أي: أطراف الأصابع (من الغيظ) أي: من الغضب والحنق، لما يرون من ائتلاف المؤمنين، واجتماع كلمتهم، ونصرة الله إياهم. وهذا مثل: وليس هناك عض، كقول الشاعر:
إذا رأوني أطال الله غيظهم، عضوا من الغيظ، أطراف الأباهيم وقول أبي طالب: (يعضون غيظا خلفنا بالأنامل). (قل) يا محمد لهم (موتوا بغيظكم) صيغته صيغة الامر، والمعنى الدعاء، فكأنه قال: أماتكم الله بغيظكم.
وفيه معنى الذم لهم، لأنهم لا يجوز أن يدعي عليهم هذا الدعاء، الا وقد استحقوه بما أتوه من القبيح. وقيل: معناه دام هذا الغيظ لما ترون من علو كلمة الاسلام إلى أن تموتوا (ان الله عليم بذات الصدور) أي: بما يضمرونه من النفاق والغيظ على المسلمين.
وان تمسسكم حسنة تسؤهم وان تصبكم سيئة يفرحوا بها وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ان الله بما يعملون محيط 120).
القراءة: قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب: (لا يضركم) خفيفة مكسورة الضاد. والباقون مشددة مضمومة الضاد والراء. وقرأ الحسن وأبو حاتم: (تعلمون) بالتاء على الخطاب. والقراءة المشهورة بالياء.
الحجة: من قرأ (لا يضركم) فهو من ضاره يضيره ضيرا. ومن قرأ (لا يضركم) فهو من ضره يضره ضرا. والضير والضر بمعنى واحد. وقد جاء في القرآن (لا ضير)، و (إذا مسكم الضر). ولا يضركم أصله لا يضرركم، نقلت ضمة الراء الأولى إلى الضاد، وأدغمت في الراء الثانية بعد أن ضمت اتباعا لأقرب الحركات إليها. والعرب تدغم في موضع الجزم، وأهل الحجاز يظهرون التضعيف. قال