الاعراب: (إلا أذى): استثناء متصل. وقوله (أذى) في تقدير النصب، ومعناه: لن يضروكم إلا ضررا يسيرا. فالأذى وقع موقع المصدر. وقيل: هو استثناء منقطع، لان الأذى ليس من الضرر، كقوله (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا). قال علي بن عيسى: هذا ليس بصحيح، لان الكلام إذا أمكن فيه الاستثناء الحقيقي، لم يجز حمله على المنقطع. (وإن يقاتلوكم): شرط.
و (يولوكم) جزاء، وعلامة الجزم فيهما سقوط النون. وقوله (ثم لا ينصرون):
رفع على الاستئناف، ولم يجزم على العطف، لان سبب التولية القتال، وليس كذلك منع النصر، لان سببه الكفر، ولان الرفع أشكل برؤوس الآي المتقدمة، وهو مع ذلك عطف جملة على جملة، والعامل في الباء من قوله (بحبل من الله).
(ضربت): على معنى ضربت عليهم الذلة بكل حال، (إلا بحبل). وقال الفراء: العامل فيه محذوف وتقديره: إلا أن يعتصموا بحبل من الله وأنشد:
رأتني (1) بحبليها فصدت مخافة، وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق أراد: رأتني أقبلت بحبليها، فحذف الفاعل في الباء وقال آخر:
قصير الخطو يحسب من رآني، ولست مقيدا أني بقيد (2) أراد: إنني قيدت بقيد. قال علي بن عيسى: ما ذكره الفراء ضعيف من وجهين أحدهما: إن حذف الموصول عند البصريين لا يجوز، لأنه إذا احتاج إلى الصلة تبين عنه. فالحاجة إلى البيان عنه بذكره أشد، وإنما يجوز الشئ للاستغناء عنه، بدلالة غيره عليه. ولو دل عليه، لحذف مع صلته، لأنه معها بمنزلة شئ واحد، والوجه الاخر: إن الكلام إذا صح معناه من غير حذف، لم يجز تأويله على الحذف. وقيل في هذا الاستثناء إنه منقطع لان الذلة لازمة لهم على كل حال فجرى مجرى قوله وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ، فعامل الاعراب موجود، والمعنى على الانقطاع. ومثله: (لا يسمعون فهيا لغوا) قد يوهم أنهم من حيث لا يسمعوا فيها لغوا، لا يسمعون كلاما. فقيل لذلك إلا سلاما. وكذلك قوله: (وما