الراوي فيه أبي عمروا قال: وحكى سيبويه عنه، وهو ضابط لمثل هذا أنه كان يكسر كسرا خفيفا. وقال الفراء: هذا مذهب لبعض العرب، يسكنون الهاء إذا تحرك ما قبلها، يقولون: ضربته كما يسكنون ميم أنتم وقمتم. وأما الاختلاس فإنه للاكتفاء بالكسرة على الياء. وأما الإشباع فعلى الأصل.
اللغة القنطار: قد ذكرنا الخلاف في مقداره في أول السورة. والدينار: أصله دنر بنونين، فقلبت إحدى النونين ياء لكثرة الاستعمال، طلبا للخفة، وجمعه دنانير.
ودمت ودمت لغتان، مثل مت ومت. ولكن من كسر الدال والميم قال في المضارع تمات وتدام، وهي لغة أزاد السراة. ووفى وأوفى لغتان. وأهل الحجاز يقولون:
أوفيت. وأهل نجد يقولون: وفيت.
الاعراب: الفرق بين أن تقول: (تأمنه بقنطار)، وبين أن تقول (على قنطار):
أن معنى الباء إلصاق الأمانة، ومعنى (على) استعلاء الأمانة، وهما يتعاقبان في هذا الموضع، لتقارب المعنى كما تقول: مررت به، ومررت عليه. وبلى: يحتمل معنيين أحدهما: الإضراب عن الأول على جهة الانكار للأول، وعلى هذا الوجه يكون (من أوفى بعهده) مكتفية، نحو قولك: ما قدم زيد (1) فيقال بلى أي: بلى قد قدم زيد. قال الزجاج: هاهنا وقف تام، ثم استأنف (من أوفى) إلى الآخرة لأنهم لما قالوا: (ليس علينا في الأميين سبيل) قيل: بلى (2) عليهم في سبيل الثاني: الإضراب عن الأول، والاعتماد على البيان الثاني. وعلى هذا الوجه لا تكون مكتفية. والفرق بين بلى ونعم أن بلى: جواب النفي. ونعم: جواب الإثبات. إنما جاز إمالة (بلى) لمشابهتها الاسم من وجهين: أحدهما: إنه توقف عليها كما توقف على الاسم.
والآخر: إنها على ثلاثة أحرف ولذلك خالفت (لا) في الإمالة.
النزول: عن ابن عباس قال: يعني بقوله (من أن تأمنه بقنطار يؤده إليك) عبد الله بن سلام، أودعه رجلا ألفا ومائتي أوقية من ذهب، فأداه إليه، فمدحه الله سبحانه، ويعني بقوله: (من أن تأمنه بدينار لا يؤده (3) إليك) فنحاص بن عازوراء، وذلك أن رجلا من قريش استودعه دينارا، فخانه. وفي بعض التفاسير: إن الذي يؤدي الأمانة النصارى، والذين لا يؤدونه اليهود.