(والأبرص) الذي به وضح. وقال وهب: وربما اجتمع على عيسى من المرض في اليوم خمسون ألفا من أطاق منهم أن يبلغه بلغه، ومن لم يطق أتاه عيسى يمشي إليه، وإنما كان يداويهم بالدعاء على شرط الإيمان.
(وأحيي الموتى بإذن الله) إنما أضاف الإحياء إلى نفسه، على وجه المجاز والتوسع، ولأن الله تعالى كان يحيي الموتى عند دعائه. وقيل: إنه أحيى أربعة أنفس: عازر وكان صديقا له، وكان قد مات منذ ثلاثة أيام فقال لأخته: انطلقي بنا إلى قبره، ثم قال: اللهم رب السماوات السبع، ورب الأرضين السبع، إنك أرسلتني إلى بني إسرائيل، أدعوهم إلى دينك، وأخبرهم بأني أحيي الموتى، فأحي عازر (1)! فخرج من قبره، وبقي وولد له.
وابن العجوز مر به ميتا على سريره، فدعا الله عيسى " عليه السلام "، فجلس على سريره، ونزل عن أعناق الرجال، ولبس ثيابه، ورجع إلى أهله، وبقي وولد له.
وابنة العاشر قيل له: أتحييها وقد ماتت أمس؟ فدعا الله فعاشت، وبقيت، وولدت.
وسام بن نوح: دعا عليه باسم الله الأعظم، فخرج من قبره وقد شاب نصف رأسه، فقال: قد قامت القيامة؟ قال: لا، ولكني دعوتك باسم الله الأعظم. قال: ولم يكونوا يشيبون في ذلك الزمان، لأن سام بن نوح قد عاش خمس مائة سنة، وهو شاب. ثم قال له: مت. قال: بشرط أن يعيذني الله من سكرات الموت فدعا الله ففعل.
وقال الكلبي: كان يحيي الأموات بيا حي يا قوم، وإنما خص عيسى " عليه السلام " بهذه المعجزات، لأن الغالب كان في زمانه الطب، فأراهم الله الآيات من جنس ما هم عليه، لتكون المعجزة أظهر، كما أن الغالب لما كان في زمن موسى السحر، أتاهم من جنس ذلك بما أعجزهم عن الإتيان بمثله. وكان الغالب في زمان نبينا " صلى الله عليه وآله وسلم " البيان والبلاغة والفصاحة، فأراهم الله تعالى المعجزة بالقرآن الذي بهرهم ما فيه من عجائب النظم، وغرائب البيان، ليكون أبلغ في باب الإعجاز بان يأتي كلا من أمم الأنبياء بمثل ما هم عليه، ويعجزون عن الإتيان بمثله. إذ لو أتاهم بما لا يعرفونه، لكان يجوز أن يخطر ببالهم أن ذلك مقدور للبشر، غير أنهم لا يهتدون إليه.