العلم حياة القلوب، ونور الأبصار، وقوة الأبدان. يبلغ بالعبد منازل الأحرار، ومجلس الملوك، والفكر فيه يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، وبه يعرف الحلال والحرام، وبه توصل الأرحام. والعلم إمام العمل، والعمل تابعه، يلهم السعداء، ويحرم الأشقياء ".
ومما جاء في فضل هذه الآية ما رواه أنس عن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " قال: " من قرأ (شهد الله) الآية عند منامه، خلق الله منها سبعين ألف خلق يستغفرون له إلى يوم القيامة ". الزبير بن العوام قال: قلت لأدنون هذه العشية من رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم "، وهي عشية عرفة، حتى أسمع ما يقوله. فحبست ناقتي بين ناقة رسول الله، وناقة رجل كان إلى جنبه، فسمعته يقال: (شهد الله أنه لا إله إلا هو) الآية. فما زال يرددها حتى رفع. غالب القطان قال: أتيت الكوفة في تجارة، فنزلت قريبا من الأعمش، فكنت أختلف إليه. فلما كنت ذات ليلة، أردت أن أنحدر إلى البصرة، قام من الليل يتهجد، فمر بهذه الآية (شهد الله أنه لا إله إلا هو) الآية. ثم قال الأعمش: وأنا أشهد بما شهد الله به، وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي عند الله وديعة. إن الدين عند الله الاسلام. قالها مرارا. قلت: لقد سمع فيها شيئا. فصليت معه وودعته، ثم قلت: آية سمعتك ترددها فما بلغك فيها؟ قال: لا أحدثك بها إلى سنة. فكتبت على بابه ذلك اليوم وأقمت سنة. فلما مضت السنة، قلت: يا أبا محمد! قد مضت السنة. فقال: حدثني أبو وائل عن عبد الله قال: قال رسول الله " صلى الله عليه وآله وسلم ": يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله: إن لعبدي هذا عهدا عندي، وأنا أحق من وفى بالعهد. أدخلوا عبدي هذا الجنة.
وقال سعيد بن جبير: كان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، فلما نزلت (شهد الله أنه لا إله إلا هو) الآية. خررن سجدا. وقوله: (إن الدين) أي:
الطاعة (عند الله) هو (الاسلام) وقيل: المراد بالإسلام التسليم لله ولأوليائه، وهو التصديق. وروي عن أمير المؤمنين " عليه السلام " في خطبة له أنه قال: لأنسبن الاسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي: الاسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل. رواه علي بن إبراهيم في تفسيره قال: ثم قال: إن المؤمن أخذ دينه عن ربه، ولم يأخذه عن رأيه: إن المؤمن يعرف إيمانه في عمله، وإن الكافر يعرف كفرانه بإنكاره. أيها