معناه: دخل في السلم. وأصل السلم: السلامة، لأنها انقياد على السلامة.
ويصلح أن يكون أصله التسليم، لأنه تسليم لأمر الله. والتسليم: من السلامة، لأنه تأدية الشئ على السلامة من الفساد. فالإسلام: هو تأدية الطاعات على السلامة من الإدغال.
والإسلام والإيمان بمعنى واحد عندنا وعند المعتزلة، غير أن عندهم:
الواجبات من أفعال الجوارح من الإيمان، وعندنا: الإيمان من أفعال القلوب الواجبة وليس من أفعال الجوارح. وقد شرحناه في أول البقرة. والإسلام: يفيد الانقياد لكل ما جاء به النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " من العبادات الشرعية، والاستسلام به، وترك النكير عليه.
فإذا قلنا: دين المؤمن هو الإيمان وهو الاسلام، فالإسلام هو الإيمان. ونظير ذلك قولنا: الانسان بشر، والإنسان حيوان على الصورة الانسانية. فالحيوان على الصورة الانسانية بشر. والاختلاف: ذهاب أحد النفسين إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر.
فهذا الاختلاف في الأديان.
فأما الاختلاف في الأجناس فهو امتناع أحد الشيئين أن يسد مسد الآخر، فيما يرجع إلى ذاته. والبغي: طلب الإستعلاء بالظلم، وأصله من بغيت الحاجة: إذا طلبتها.
الاعراب: قيل في نصب (قائما) قولان أحدهما: إنه حال من اسم الله تعالى مؤكدة، لأن الحال المؤكدة يقع مع الأسماء في غير الإشارة، تقول: إنه زيد معروفا، وهو الحق مصدقا، وشهد الله قائما بالقسط أي: قائما بالعدل والثاني: إنه حال من هو من قوله (لا إله إلا هو). و (بغيا): نصب على وجهين أحدهما:
على أنه مفعول له، والمعنى: وما اختلف الذين أوتوا الكتاب للبغي بينهم، مثل:
حذر الشر، ونحو ذلك. وقيل: إنه منصوب بما دل عليه وما اختلف. كأنه لما قيل (وما اختلف الذين أوتوا الكتاب) دل على وما بغى الذين أوتوا الكتاب، فحمل بغيا عليه.
المعنى: لما قدم تعالى ذكر أرباب الدين، أتبعه بذكر أوصاف الدين فقال:
(شهد الله أنه لا إله إلا هو) أي: أخبر الله بما يقوم مقام الشهادة على وحدانيته، من عجيب صنعته، وبديع حكمته. وقيل: معنى شهد الله قضى الله، عن أبي عبيدة.
قال الزجاج: وحقيقته علم الله، وبين ذلك، فإن الشاهد هو العالم الذي يبين ما.