أي: تاركا. والمراد بأخطانا: أذنبنا، لأن المعاصي توصف بالخطأ من حيث إنها ضد الصواب، وإن كان فاعلها متعمدا، فكأنه تعالى أمرهم أن يستغفروا مما تركوه من الواجبات، ومما فعلوه من المقبحات والثاني: معنى قوله (إن نسينا): إن تعرضنا لأسباب يقع عندها النسيان عن الأمر، والغفلة عن الواجب، أو أخطأنا أي:
تعرضنا لأسباب يقع عندها الخطأ، ويحسن الدعاء بذلك كما يحسن الاعتذار منه والثالث: إن معناه: لا تؤاخذنا إن نسينا أي: إن لم نفعل فعلا يجب فعله على سبيل السهو والغفلة، أو أخطأنا أي: فعلنا فعلا يجب تركه من غير قصد. ويحسن هذا في الدعاء على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى، وإظهار الفقر إلى مسألته، والاستعانة به، وإن كان مأمونا منه المؤاخذة بمثله. ويجري ذلك مجرى قوله فيما بعد: (ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) على أحد الأجوبة. وقوله: (رب احكم بالحق). وقد تقدم ذكر أمثاله والرابع: ما روي عن ابن عباس وعطاء أن معناه لا تعاقبنا إن عصينا جاهلين، أو متعمدين.
وقوله: (ربنا ولا تحمل علينا إصرا) قيل فيه وجهان أحدهما: إن معناه لا تحمل علينا عملا (2) نعجز عن القيام به، ولا تعذبنا بتركه ونقضه، عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والربيع والسدي والثاني: إن معناه لا تحمل علينا ثقلا، عن الربيع ومالك وعطاء. يعني لا تشدد الأمر علينا. (كما حملته على الذين هن قبلنا) أي:
على الأمم الماضية، والقرون الخالية، لأنهم كانوا إذا ارتكبوا خطيئة عجلت عليهم عقوبتها، وحرم عليهم بسببها ما أحل لهم من الطعام، كما قال تعالى (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) وأخذ عليهم من العهود والمواثيق، وكلفوا من أنواع التكاليف ما لم يكلف هذه الأمة تخفيفا عنها.
(ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) قيل فيه وجوه أحدها: إن معناه ما يثقل علينا تحمله من أنواع التكاليف والامتحان، مثل قتل النفس عند التوبة. وقد يقول الرجل لأمر يصعب عليه: إني لا أطيقه. والثاني: إن معناه ما لا طاقة لنا به من العذاب عاجلا وآجلا والثالث: إنه على سبيل التعبد، وإن كان تعالى لا يكلف، ولا يحمل أحدا ما لا يطيقه، كما ذكرنا قبل (واعف عنا) ذنوبنا (واغفر لنا) خطايانا أي: استرها (وارحمنا) بانعامك علينا في الدنيا، والعفو في الآخرة، وإدخال الجنة