والإصر في اللغة: الثقل. قال النابغة:
يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم، * والحامل الإصر عنهم بعدما غرقوا (1) وكل ما عطفك على شئ من عهد أو رحم، فهو إصر وجمعه آصار. ويقال أصره يأصره أصرا. والاسم الأصر. قال النابغة:
يا بن الحواضن، والحاضنات * أتنقض إصرك حالا فحالا أي: عهدك. والآصرة: صلة الرحم للعطف لها، قال الكميت:
نضحت أديم الود بيني وبينهم، * بآصرة الأرحام لو تتبلل (2) المعنى: ثم بين سبحانه أنه فيما أمر ونهى لا يكلف إلا دون الطاقة، فقال:
(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) أي: لا يأمر ولا ينهى أحدا إلا ما هو له مستطيع.
وقيل: إن معنى قوله (إلا وسعها) إلا يسرها دون عسرها، ولم يكلفها طاقتها، ولو كلفها طاقتها لبلغ المجهود منها، عن سفيان بن عيينة. وهذا قول حسن، وفي هذا دلالة علن بطلان قول المجبرة في تجويز تكليف العبد ما لا يطيقه، لأن الوسع هو ما يتسع له قدرة الانسان، وهو فوق المجهود واستفراغ القدرة. وقال بعضهم: إن معناه إلا ما يسعها، ويحل لها. وهذا خطأ، لأن من قال لعبده: لا آمرك إلا بما أطلق لك (3) أن تفعله، لكان ذلك غيا منه، وخطأ لأن نفس أمره إطلاق، فكأنه قال: لا أطلق لك، ولا آمرك إلا بما آمرك.
وقوله (لها ما كسبت) معناه: لها ثواب ما كسبت من الطاعات (وعليها) جزاء (ما اكتسبت) من السيئات. ويجوز أيضا أن يسمى الثواب والعقاب كسبا من حيث حصلا بكسبه (ربنا لا تؤاخذنا) قيل: تقديره قولوا ربنا على جهة التعليم للدعاء، عن الحسن. وقيل: تقديره يقولون ربنا على جهة الحكاية والثناء (إن نسينا أو أخطأنا) قيل فيه وجوه أحدها: إن المراد بنسينا: تركنا، كقوله تعالى (نسوا الله فنسيهم) أي: تركوا طاعته فتركهم من ثوابه، وقوله. (وتنسون أنفسكم) ومنه قول الشاعر:
ولم أك عند الجود للجود قاليا، * ولا كنت يوم الروع للطعن ناسيا (4)