التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٧٦
أو الاستراحة من العذاب والتنكيل ولم يقصد وجه الرب الجليل وأبطله المصنف في المعتصم والمفاتيح وغيرهما بالنصوص وأن بعض الناس ليس درجتهم أعلى منه وليس في وسعهم القصود الآخر كما ينبه عليه حسنة هارون بن حارجة عن أبي عبد الله (ع) قال العباد ثلاثة قوم عبدوا الله عز وجل خوفا فتلك عبادة العبيد وقوم عبدوا الله طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء وقوم عبدوا الله عز وجل حبا له فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة وزاد بعضهم القول بصحة العبادة لطلب الأغراض الدنيوية المباحة أيضا من جنابه سبحانه كما ينبه عليه ما ورد أن صلاة الليل تزيد في الرزق والصدقة ترد البلاء وصلة الرحم تنسئ الأجل والأجود الاستدلال بما ورد من صلوات الحوائج كالاستطعام والحبل والعافية ونحوها وورد في حقيقته ما رواه أبو حامد مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل ما الاخلاص فقال هو أن تقول ربي الله ثم تستقيم كما أمرت قال أي لا تعبد هواك ونفسك ولا تعبد إلا ربك وتستقيم في عبادتك كما أمرت وهذا إشارة إلى قطع كل ما سوى الله عن مجرى النظر وهو الاخلاص حقا وعن الحواريين أنهم قالوا لعيسى (ع) ما الخالص من الأعمال فقال إن تعمل لله لا تحب أن تحمد عليه وفي الكافي عن أبي عبد الله (ع) العمل الخالص الذي لا تريد أن يمدحك عليه أحد إلا الله وفيهما تعريض للرياء لأنه أقوى الأسباب المشوشة للاخلاص وهو عزيز المثال جدا فإنه أشد الأشياء على النفس إذ ليس لها فيه نصيب والطريق إليه كسر حظوظ النفس وقطع الطمع عن الدنيا والتجرد للآخرة بحيث يغلب ذلك على القلب وضده المطلق الشوب مطلقا ومن وجوهه الرياء وفي حكمه السمعة كما تقدم وهو في الأصل من الرؤية كالسمعة من السماع مصدر كالقتال يقال رائيته مراياة أي أريته نفسي على خلاف ما أنا عليه وفي الاصطلاح طلب المنزلة عند غيره تعالى وهم الراؤن بالعبادة وهي المرائي به فهنا قيود ثلاثة أحدها صلوحها للرؤية فيختص الريا أو المرائي به بأحد جزئيها وهو عمل الظاهر أما الجزء الآخر وهو النية فهو من عمل الباطن لا يتطرق إليه الريا والثاني أن يكون المقصود منفردا أو مشوبا خصوصا المنزلة عند الرائين فلو قصد لازما آخر لم يكن مرائيا ولا فرق بين أن يكون راجحا نحو ضم قصد الحمية إلى قصد القربة في الصوم والاعلام بالصلاة في التكبير أو اجهاره وغيره نحو قصد التبرد في الوضوء والتفرج عن الهم والتوحش عن الأهل والتجارة في سفر الحج والخلاص عن المؤنة وسوء الخلق في العتق فإن ذلك كله وإن شارك الرياء من وجه لكنه غيره سواء كان على وجه المشاركة أو المرافقة أو المعاونة وكله مما يفوت به الاخلاص المطلق وفي فوات الصحة تفصيل ومحصول ما ذكره المصنف في مطولاته أنه إن كانت الضميمة راجحة صحت مطلقا وإلا فإن كانت مشاركة أو مرافقة بطلت وإن كانت معاونة صحت مع احتمال البطلان أيضا والمشهور بطلان عبادة المرائي ووجوب الإعادة عليه كما أشرنا إليه فيما سبق لأنها ليست عبادة بالحقيقة وما يحكى عن السيد من الحكم بالصحة والاجزاء بمعنى سقوط الطلب عنه وإن لم يستحق بها ثوابا فغير ظاهر الوجه والرياء يكون بأمور كثيرة وأكثرها شيوعا خمسة هي مجامع ما يتزين به العبد للناس وهي البدن والهيئة والزي وهو اللباس والقول والعمل وقد يترائى بغيرها من الأمور الخارجة كالاتباع والأسباب فبالبدن كاظهار النحول والذبول ليدل على قلة الأكل والنوم وكثرة الصيام والقيام والسهر للمطالعة وتحقيق العلوم والرياضة فيدل على شدة اجتهاده في أمر الدين وبالهيئة كابقاء أثر السجود على الجبهة ليكون من الذين سيماهم في وجوههم وتشعث الشعر اشعارا باستغراق همه بأمر الدين و عدم التفرغ لتسريحه وعن عيسى (ع) إذا صام أحدكم فليدهن رأسه ويرجل شعره ويكحل عينيه وذلك لما يخاف عليه من نزع الشيطان بالرياء وبالزي كلبس الصوف والشملة واختيار ما اعتاده الأشراف أو العباد أو العلماء منه ليرى أنه منهم فيقع له محل في القلوب وبالقول كالوعظ والتذكير والنطق بالحكمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المحاضر ليقال إنه راسخ متصلب في أمور الدين لا يخاف لومة لائم وبالعمل كتطويل الصلاة و اطراق الرأس وترك الالتفات وتسوية القدمين وبالاتباع كالتعرض لأسباب كثرة التلاميذ أو المريدين أو الزايرين ليقال إنه أفضل ممن عداه والناس يستفيدون منه ويتبركون بأنفاسه ودعائه وزيارته و بالأسباب كالاكثار من جمع الكتب العلم وكتب الأوراد والأدعية واعمال السنة وتصحيحها وحفظها وتحصيل الإجازات والأسانيد إلى المشايخ ابهاما بأنه شديد الاهتمام بالعلوم والآداب الدينية وأوسع إحاطة وأجل شأنا من غيره والثالث أن يكون ذلك بعمل العبادة فما طلب بغير العبادة من الأفعال المباحة كصرف الهمة إلى كثرة المال ليخرج بذلك عن مهانة الفقر إلى حشمة اليسار وحفظ الأشعار المباحة والتواريخ والأدبيات ليتميز عن العامة ويحصل له القبول والمنزلة في القلوب بذلك فخارج عن مجرى الرياء ولا يحرم طلب المنزلة على هذا الوجه إذا لم يؤد إلى رذيلة محرمة من رذائل المال أو الجاه كالتكبر كما سبق في الكلام في الجاه في باب حب الخمولة وكذا لا يحرم التزين بتنظيف الثوب عند الخروج إلى الناس وتسوية العمامة ونحو ذلك لاستمالة قلوب الإخوان وتطييب نفوسهم والتحامي عن ملالتهم وملامتهم بالتقشف سيما إذا كان مرموقا إليه متبوعا في الدين فإن العناية بميل القلوب إليه وتثبيتها عن استثقاله والتنفر عنه شديدة وليس ذلك رياء بالعبادة بل بالدنيا كما قرره أبو حامد واستدل عليه بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله إن الله يحب من العبد أن يتزين لإخوانه إذا خرج إليهم وأنت خبير بأن مقتضاها استحباب التزين فالوجه تسليم كونه رياء لاندراجه في الرسم واستثناؤه من عموم التحريم بالنص وعن أمير المؤمنين (ع) ليتزين أحدكم لأخيه المسلم كما يتزين للغريب الذي يحب أن يراه في أحسن الهيئة والعبارة لا تأبى الوجهين وآفات الرياء كثيرة والمذكور منها خمسة أحدها التلبيس بإرائة ما يخيل إلى الرائين أنه من أهل العبادة والدين وليس كذلك فهو بالأمر الدنيوي حرام كما لو قضى دين جماعة وأوهم إلى الناس أنه متبرع عليهم ليعتقدوه سخيا فبالأمر الديني أولى بالتحريم وثانيها الاستهزاء عليه تعالى وفي بعض الآثار إذا زنى العبد قال الله (تع) انظروا إليه كيف يستهزئ بي قيل ومثاله الماثل بين يدي الملك طول النهار كما جرت عادة الخدمة وإنما مثوله لملاحظة جارية
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360