بيان تقدم الأخير في الاستقرار في الرحم فإنه من غوامض العلم دون الكبر الذي هو مناط الأحكام الشرعية وأن لا يكن له ولي تبرع به بعض إخوانه المؤمنين إن شاء بأن ينوي القضاء عنه أولا أو يهدي إليه ثوابه أخيرا وله ضعف أجره فورد من عمل من المسلمين عن ميت عملا صالحا أضعف الله له أجره ونفع الله به الميت ولا فرق في ذلك كله بين ما لو كان الميت رجلا وامرأة لاشتراكهما في الأحكام إلا ما ثبت فيه الفرق خلافا لمن أسقط القضاء عنها استنادا إلى عدم الدليل ولا يجب القضاء على غير الولي للأصل إلا مع الوصية إليه والقبول كساير الوصايا أما الاستيجار له فصحته كما عليه الأكثر خروج عن اليقين لفقد النص وعدم حجية القياس حتى يقاس على الحج وإنما عولوا فيها على مقدمتين إحديهما جواز العبادة عن الميت وهذه اجماعية والثانية أنه كلما جازت العبادة عن الميت جاز الاستيجار عنه وهذه داخلة في عموم الاستيجار على الأعمال المباحة التي يمكن أن تقع للمستأجر ولا يخالف فيها أحد من أصحابنا ولا غيرهم لأن المخالف من العامة إنما منع لزعمه أنه لا يمكن وقوعها للمستأجر عنه أما من يقول بامكان وقوعها له وهم جميع أصحابنا فلا يمكنه القول بمنع الاستيجار إلا أن يخرق الاجماع في إحدى المقدمتين على أن هذا النوع قد انعقد عليه اجماع الإمامية السلف والخلف إلى زماننا هذا كلامهم واعترضه المصنف ومن وافقه بعدم ثبوت الاجماع بسيطا ولا مركبا إذ لم يثبت أن كل من قال بجواز العبادة للغير قال بجواز الاستيجار لها ومنافاة أخذ الأجرة للقربة المشروطة في العبادة ظاهرة وإن كان أحوط من الترك وأحوط منه وقوع ذلك على وجه المراضاة والتبرع من الجانبين وكيف كان فالقيام بالعبادات البدنية المحضة بالاستيجار أو التبرع مع فقد الولي ليس بواجب إلا مع الوصية وبدونها تسقط لا إلى بدل وقيل بل يتصدق عن صوم كل يوم بمد من تركته وفي مستنده قصور ولا يحسب من الأصل وإن أوصى به الميت بل يعتبر ما يفي به الثلث وتلغو الزيادة إلا إذا وقعت الوصية بها بإذن الورثة ابتداء أو أجازوا بعدها على المشهور لأن حجر الميت عما زاد على الثلث إنما هو للتوفير عليهم فإذا رضوا ارتفع المانع ولا فرق في الإجازة بين كونها في حياة الموصي وبعد موته عند الأكثر والتخصيص بالأخير مدفوع بما رواه المحمدون الثلاثة في الصحيح والحسن عن أبي عبد الله (ع) في رجل أوصى بوصية وورثته شهود فأجازوا ذلك فلما مات الرجل نقضوا الوصية هل لهم أن يردوا ما أقروا به فقال ليس لهم ذلك والوصية جايزة عليهم إذا أقروا بها في حياته ولو أجازوا بعضها دون بعض أو بعضهم دون بعض فلكل حكمه وكذا الوصايا المتبرعة تخرج من الأصل مع الإذن أو الإجازة ومن الثلث مع عدمهما إلا أنها على التقديرين متأخرة عن الواجبة فإن لم يف المال أو الثلث بهما جميعا دخل النقص عليها وقول بعض القدماء بنفوذ الوصية مطلقا من الأصل شاذ لا يعرف له موافق من المسلمين ومستنده قاصر سندا ودلالة معارض بما هو أقوى و أوضح ولا فرق في اعتبار الوصية من الثلث إلا مع الإذن والإجازة بين ما إذا كانت بعين وغيرها ولا في العين بين المتشخصة وغيرها ولا بين كونها من أعيان التركة وغيرها ولا في أعيان التركة بين كونها متماثلة وغيرها ويعدل في أكثرها بالتقويم وقد يخفى كما لو كانت بنماء متجدد كغلة الشجرة أو الضيعة أو نصفها أو قفيز منها كذا سنة أو عمر الموصى له أو غيره أو الطريق إليه أن يقوم الأصل بمنافعه تامة تارة ومسلوب المنفعة الموصى بها أخرى فما نقصت القيامة الثانية عن الأولى هو القدر الموصى به فيعرض على الثلث فلا يرد ما يترائى أن النماء إنما يتجدد في ملك الورثة دون الموصي لانقطاع مالكيته بالموت فكيف يصح له الوصية به وذلك لأن متعلق الوصية بالحقيقة إنما هو تفاوت ما بين القيمتين وهو مما لا مانع من الوصية به ولو نقصت الغلة عن القفيز أحيانا لم يكن للموصى له إلزام الوصي بتكميله مما يفضل عنه فيما يتجدد من السنين ولا من غيره وكذا لو كانت مؤبدة على خلاف ومؤنة الأصل على الورثة دون الموصى له وإن توقف عليها النماء الموصى به كل ذلك مستفاد من الأصول الشرعية وروى الأحوص قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل أوصى إلى رجل أن يعطي قرابته من ضيعته كذا وكذا جريبا من طعام فمرت عليه سنون لم يكن في ضيعته فضل بل احتاج لي السلف والعينة أيجري على من أوصى له من السلف والعينة أم لا فإن أصابهم بعد ذلك فضل يجري عليهم لما فاتهم من السنين الماضية الماضية أم لا فقال لا أبالي إن أعطاهم أو أخرهم ثم يقضي وكذلك كل تصرف معلق على الموت حكمه حكم الوصية في اعتباره من الثلث إلا مع أحد الأمرين وإن لم يكن وصية كالتدبير أو وقع في حالة الصحة و المعتبر في الجميع الثلث وقت الوفاة لا الوصية على المشهور أما التصرفات المنجزة وهي المعجلة حال الحياة وإن لم تكن حاضرة محضا المشتملة على المحاباة وهي تفويت مال الورثة بغير عوض من الحياة و هي العطية سواء في المعاوضات كالغبن في البيع وغيرها كالعتق والابراء للمريض مطلقا ولو بمثل الصداع والرمد وحمى اليوم والربع كما أطلق الأكثر أو بالمرض المخوف خاصة كنفث الدم والاسهال المنتن والحمى الغشية والضابط ما لا يؤمن معه الموت غالبا كما قيده الشيخ فنفوذها من الأصل الثلث إلا مع أحد الأمرين من المتشابهات لاختلاف الروايات والأنظار فيه فلا بد من الاحتياط علما وعملا وهو للوارث الامضاء من الأصل وللمحبو الاستحلال منه ولو بمال أو فسخ والمشهور بين المتأخرين أنها من الثلاث وهو تفريط بإزاء افراط من أنفذ الوصية من الأصل ولو لم يجز الوارث كما ذكر و استفاضة الروايات بأن الميت أحق بماله ما دام الروح فيه وعموم الناس مسلطون على أموالهم المطابق لقضية العقول المتلقى بين طوائف الاسلام بالقبول مما يقطع العذر وأخبار المشهور يقرر في بعضها احتمال الحمل على معنى الأولوية والاستحباب بأن لا يبغض الميت نفسه إلى الورثة أو لا يجحف بهم بتفويت ما زاد على الثلث عليهم كما ينبه عليه رواية أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له الرجل له الولد أيسعه أن يجعل ماله لقرابته قال هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت
(٣٤٧)