التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ٣٢٢
عن النبي صلى الله عليه وآله ذروا المراء فإنه لا تفهم حكمته ولا تؤمن فتنته وفي حديث آخر من ترك المراء و محق بنى الله له بيتا في أعلى الجنة ومن ترك المراء وهو مبطل بنى الله له بيتا في ربض الجنة وفي آخر لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى يدع المراء وإن كان محقا ومن أقسامه الجدال وقد نهى عنه بخصوصه قال الله سبحانه ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن وسبق بيان ذلك في المقدمة وهو مراء يتعلق بالمذاهب خاصة فإن كل من سمع كلاما فإن وجده حقا كان عليه التصديق به والتسليم له بضرورة العقل وإلا فالسكوت عنه من دون انكار إلا أن يكون في أمور الديانة فإن أبهم عليه سأل إن كان من أهله وإن وجده باطلا اقتصر في بيان بطلانه على قدر ما ينكشف به الشبهة من دون تعنيف أو تجهيل أو شتم أو سب أو تضليل فإنه مما يوجب جرأة الجاهل وذهاب الحق بالباطل وهو من الجدال المذموم وربما تتعلل النفس فيه بأن الغرض الذب عن دين الله ونصرة الحق وتنكيس الباطل وأهله كيلا يتبع وهو من مواضع الغرور ويعرف الحال بكراهة إصابة الخصم وإرادة خطاه واظهار فضل النفس فمن وجد ذلك من نفسه فليعلمها كاذبة في الاعتذار ويقرب منهما الخصومة وهي لجاج في الكلام لاستيفاء حق مالي أو غيره سواء كان ابتداءا واعتراضا على كلام سبق بخلاف المراء فإنه لا يكون إلا اعتراضا وقد مضى أن الخصومة تمحق الدين وأنها ممرضة للقلب إلا لمظلوم ينصر حجته بطريق الشرع من دون إسراف وزيادة على الحاجة إلا أن ضبط اللسان في الخصومة على حد الاعتدال مما يكاد يلحق بالممتنعات لأنها توغر الصدر وتهيج الغضب وإذا هاج الغضب نسي المتنازع فيه وبقي الحقد بين المتنازعين وانطلق اللسان إلى تناول الخصم بأمور يجب الكف عنها وربما أدى الحال إلى انحصار المقصود في محض العناد واذلال الخصم فيأخذ المال المتخاصم فيه بعد هنات وهنات و يرميه في البالوعة أو يعطيه لغير المستحق ومن ثم كره لذوي المروات تولي الخصومات وعن الفحش وهو في الأصل الزيادة والكثرة ثم غلب في التعدي في القول والجواب والمراد التصريح بالذمائم التي يستحي منها ويجري أكثر ذلك في ألفاظ الوقاع وما يتعلق به فإن للسفهاء عبارات قبيحة صريحة يستعملونها فيه وأهل الحياء والصلاح يستهجنونها ويكنون عن معانيها بعبارات أخر كما كنى الله عن مباضعة النساء بملامستهن وليس يختص هذا بالوقاع بل الكناية بقضاء الحاجة عن البول والخرء من ذلك و كذا من به عيوب يستحى منها كالبرص والجمرة والبواسير ونحوها ينبغي التأدية عنها بالكنايات مثل العارض الذي بك ونحوه فالتصريح في ذلك من الفحش وسببه إما قصد الايذاء أو الاعتياد الحاصل من مخالطة الأرذال ومن عادتهم أيضا السب وهو كالفحش وأفحش وورد أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله الرجل من قومي يسبني وهو دوني هل علي بأس أن أنتصر منه فقال المتسابان شيطانان يتكاذبان و يتهاتران وأنه نهى صلى الله عليه وآله أن يسب قتلى بدر من المشركين وقال لا تسبوا هؤلاء فإنه لا يخلص إليهم شئ مما تقولون وتؤذون الأحياء إلا أن البذاء لوم وفي أخرى أنه قال له رجل أوصني فقال عليك بتقوى الله وإن امرء عيرك بشئ يعلمه فيك فلا تغيره بشئ تعلمه فيه يكن وباله عليه وأجره لك ولا تسبن شيئا من خلق الله ومن أفراده اللعن وأفرده بالذكر لتكرر لفظه في الكتاب والسنة وأصله الطرد والابعاد فإذا قيل لعن الله فالمعنى الابعاد عن الخبر والرحمة وورد لا تكونوا لعانين و أن اللعنة إذا خرجت من صاحبها ترددت فيما بينهما فإن وجدت مساغا وإلا رجعت على صاحبها بل ورد النهي عن لعن الحيوانات والجمادات وأنه ينتصر الملعون ويقول لعن أعصانا لربه فالمتهذب لا يطلق لسانه به بل بمطلق السب على غير من ثبت عنده أنه أهلهما كالفاسقين والكافرين والكاذبين على وجه العموم كما لعنهم الله في كتابه أو من علم بالخصوص أنه مات على شئ من الصفات المذكورة كالذين ثبت عن أهل العصمة صلوات الله عليهم لعنهم بأعيانهم واخبارهم بموتهم على ذلك دون من عداهم ممن لا معرفة لنا بحالهم سيما الذين تقادم بهم العهد من أهل الاسلام بمجرد أنه ينسب إليهم بعض المناكير مثل القول بالحلول والاتحاد ونحو ذلك لوجوه آ عدم ثبوت أكثر هذه النسب ب امكان تأويلها بما يوافق ظاهر الشريعة وقد ورد الأمر بتصريف فعل من كان على ظاهر الاسلام وقوله على سبعين وجها من الخير غاية الأمر الطعن عليهم في التعبير بهذه العبارات المتشابهة وهو مما لا يسوغ اللعن وقد ورد لا تذكروا موتاكم إلا بخير ج عدم ثبوت استمرارهم على هذه العقايد الزائغة إذ الخاتمة مستورة كما سلف فالاجتراء على لعنهم خروج عن يقين السلامة إلى الخطر بل الصواب الاقتصار على لعن الكافرين والفاسقين والكاذبين فهؤلاء إن كانوا من جملتهم شملتهم اللعنة وإلا كان اللاعن في أمن من رجوعها إليه وقد عظم الله سبحانه أمر اللعن جدا حتى أنه في آية المباهلة جعله وسيلة لاثبات أعظم الدعاوي وهي دعوى النبوة وحجة على الجاحدين لها فانقطعوا ولم يجدوا إلى ترداد القول سبيلا وفي آية اللعان لنفي النسب الثابت لولاه وأقامه مقام أربعة رجال عدول في ثبوت الرجم على المرأة لو نكلت عنه فلا يتساهل في مثله ويقرب منه الدعاء على أحد بالشر كقوله لا عافاه الله وقصر من عمره ونحو ذلك فإنه مذموم ولا سيما إذا أسرف فيه ولو كان ظالما فورد في الخبر أن المظلوم ليدعو على الظالم حتى يكافيه ثم يبقى للظالم عنده فضلة يوم القيامة وعن التشدق وهو لي الشدق بتكلف السجع والتصنع فيه بالمحسنات اللفظية والمعنوية كما يفعله المتقيدون بذلك إظهارا للفصاحة والبراعة ففي النبوي أنا والأتقياء من أمتي براء من التكلف وفيه أن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا الثرثارون المتفيهقون المتشذقون والكلام الجاري في المحاورات لقضاء الحاجات إنما يقصد به التفهم والتفهيم فاللائق فيه الاكتفاء بما يحصل به الغرض وأما تحسين الألفاظ وترقيق المعاني في المواعظ والخطب للتأثير في القلوب بالتحريك و
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360