تبعا لما أحدثوه من الآثار سواء كانت قد ملكت وقتا ما ثم ماتت أم لا للصحاح المستفيضة فيه بالعموم والخصوص كصحيحة الفضلاء وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وآله من أحيى أرضا مواتا فهو له وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) في رجل أحيى أرضا مواتا فكري فيها نهرا وبنى بيوتا وغرس نخلا وشجرا فقال هي له وله أجر بيوتها الحديث وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) أيما قوم أحيوا شيئا من الأرض وعمروها فهم أحق بها وهي لهم وصحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع) أيما رجل أتى خربة بايرة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمرها فإن عليه فيها الصدقة فإن كانت أرضا لرجل قبله فغاب عنها وتركها وأخربها ثم جاء بعد يطلبها فإن الأرض لله عز وجل ولمن عمرها وصحيحة عمر بن يزيد عنه (ع) في رجل أخذ أرضا مواتا تركها أهلها فعمرها وكرى أنهارها وبنى فيها بيوتا وغرس فيها نخلا و شجرا فقال كان أمير المؤمنين (ع) يقول من أحيى أرضا من المؤمنين فهي له الحديث وصحيحة أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر (ع) وجدنا في كتاب على أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده فمن أحيى أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الإمام وله ما أكل منها وإن تركها أو أخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها فليؤد خراجها إلى الإمام والحديث مختصر وفي معناها غيرها وهي بعمومها شاملة لما إذا كان صاحبها الأول قد تملكها بالاحياء أو بغيره من أسباب الملك ولما إذا كان معروفا أو مجهولا بل صحيحة ابن وهب صريحة في كونه معروفا إلا أن العلامة في التذكرة نقل اجماع أهل العلم على أنه إن كان قد تملك بغير الاحياء وكان صاحبها معروفا لم يزل ملكه عنها فالاحتياط حينئذ أن تكون له واختلفوا فيما إذا كان قد تملكها المعروف بالاحياء فقيل إنه كذلك أيضا لصحيحة الحلبي وسليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يأتي الأرض الميتة فيستخرجها ويجري أنهارها ويعمرها ويزرعها ماذا عليه قال عليه الصدقة قلت فإن كان يعرف صاحبها قال فليرد إليه حقه وقيل إنه يزول ملكه عنها لأن العلة في تملكها إنما كانت الاحياء والعمارة وزوال العلة ملزوم لزوال المعلول كما لو أخذ ماء من دجلة ثم رده إليها وليس من مواقع الاجماع ليخرج به عن مدلول الصحاح الأولة ويجمع بينها وبين الأخيرة بحمل هذه على صورة الاجماع وهو أقرب من حمل تلك على صورة الجهل سيما صحيحة ابن وهب إلا أن يراد بمعرفته معرفته في أول الأمر وربما يجمع بينها بوجه آخر هو أن الملك للأول والثاني أحق بمنافعها وعليه النطق للمالك ويؤيده ما وجدناه في النسخ المصححة من الفقيه والتهذيب فليؤد بدل فليرد وهكذا نقله الشهيد الثاني في شرحي الشرايع واللمعة وقد تواتر بين المتأخرين أن نسخة الأصل من التهذيب كانت موجودة عنده إلا أن ما ذكره من ضعف رواية سليمان بالقطع غير ظاهر الوجه وأما العمران فما ملكت منها من الحربيين بغير قتال فهي للإمام أيضا سواء انجلى أهلها عنها أو سلموها طوعا لأنها من الأنفال أيضا وما ملكت منها منهم بقتال وهي المفتوحة عنوة كمكة وشام وأكثر بلاد الاسلام فهي للمسلمين قاطبة ومنهم المقاتلون والنظر فيها إلى الإمام أو نائبه يصرف خراجها في مصالحهم مثل سد الثغور و معونة العلماء والغزاة وبناء القناطر ونحو ذلك وليس لواحد منهم التسلط عليها بتصرف ناقل للعين كالبيع أو المنفعة كالإجارة لتوقف ذلك على الملك الخاص ولا غيره كالزرع والغرس و الرعي إلا بإذن الإمام قبول أداء ما يرسمه من الخراج فيقتصر على القدر المأذون إن لم يكن مطلقا ولو كان لأحدهم فيها بناء أو زرع أو شجر جاز له بيعه لأنه مملوك وكونه في أرض الغير لا يمنع من التصرف في ملكه فيبيعه خاصة دون الأرض لاختصاص المقتضي بالآثار المذكورة وقيل يجوز بيعها حينئذ تبعا لها لا منفردة وفي رواية أبي بردة بن رجا قلت لأبي عبد الله (ع) كيف ترى شراء أرض الخراج قال ومن يبيع ذلك وهي أرض المسلمين قلت يبيعها الذي هي في يده قال ويصنع بخراج المسلمين ماذا ثم قال لا بأس أن يشتري حقه منها ويحول حق المسلمين عليه ولعله يكون أقوى عليها وأملي بخراجها منه والظاهر كما في الاستبصار أن المراد بحقه ما له من التصرف دون رقبة الأرض فلا يمكن الاستدلال بها للأخير وما أسلم أهلها طوعا كالمدينة والبحرين فهي لهم يملكونها بالخصوص وليس عليهم فيها شئ سوى الزكاة فإن تركوها إلى أن صارت خرابا فهي للمسلمين قاطبة كساير الموات ففي صحيحة البزنطي وغيرها عن الرضا (ع) من أسلم طوعا تركت أرضه في يده وأخذ منه العشر ونصف العشر فيما عمر منها وما لم يعمر منها أخذه الوالي فقبله ممن يعمره وكان للمسلمين الحديث وما عليه الأكثر من أن على الإمام لأربابها حق الرقبة من القبالة خلاف الظاهر من الرواية وما في معناها وكأنه مراد من ذهب إلى أنها باقية على ملك الأول وإلا فهي صريحة في خلافه وما صالح أهلها المسلمين على أنها تكون لهم وعليهم ما صالحهم الإمام عليه عملا بمقتضى الشرط أو على أنها تكون للمسلمين كأرض خيبر فهي على ما صولح عليه عملا بمقتضى الشرط والماء والنار والكلاء مباحة بالأصل الناس فيها سواء وعن أبي الحسن (ع) إن المسلمين شركاء في الماء والنار والكلأ قال المصنف في الوافي أي ليس لمسلم أن يمنع أخاه المسلم ماء الوادي ولا كلاء البوادي ولا اقتباس النار والمروي بلفظ الناس من طريق القوم وهو أبلغ في سبوغ الفضل وسعة الرحمة لأنها من المرافق العامة لا يملكها أحدهم إلا بالحيازة كاحراز الماء في آنيته اجماعا أو اخراجه من الوادي إلى نهره على المشهور أو الاستنباط له من الأرض باحتفار بئر أو قناة بقصد التملك في الجميع فيملكه المحرز والمخرج والمستنبط وله منع الغير عنه كساير الأملاك وعن الشيخ أنه أوجب على مالك البئر والعين بذل الفاضل عن حاجته لشربه وشرب ماشيته وزرعه بغير عوض لمن يحتاج إليه لشربه وشرب ماشيته لا لسقي
(٢٤٦)