إن أنعم عليه بنعمة معينة دنيوية كالعافية والمال أو دينية كحفظ القرآن وتوفيق الفرايض أو دفع عنه بلية كتخطي المكروه ويندرج في النعمة على وجه ومن ثم يصلح قوله شكرا له علة له أو ارتكب مرجوحا محرما أو مكروها زجرا لنفسه عن ارتكابه مهما تذكر استتباعه كلفة المجعول أو عقوبة لها عليه بأن تذوق مرارة الطاعة كما ذاقت حلاوة المعصية فهنا قيود أ أن يكون لله وهو غير القربة المشروطة في مطلق العبادات فإن لم يجعلها لله لم ينعقد نذرا ولا عهدا سواء جعلها لغيره كما لو جعل لزيد على نفسه مالا إن عوفي من مرضه قربة إلى الله أو لم يجعلها لأحد كما لو جعل على نفسه أن يصوم أو يتصدق إذ المعتبر الوعد له (تع) وفي صحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) إذا قال الرجل علي المشي إلى بيت الله أو علي هدي كذا وكذا فليس بشئ حتى يقول لله علي المشي إلى بيته أو يقول لله علي هدي كذا وكذا إن لم أفعل كذا وكذا وفي أخرى إذا لم يقل لله علي فليس بشئ ب أن يكون الملتزم طاعة وبه يندرج هذا الباب في كتاب البر و الطاعة هي الفعلة الراجحة شرعا واجبة أو مندوبة والمراد بها ما يعم كف النفس عن المرجوحات وفائدته في الواجب زيادة البعث والزجر لوجوب الكفارة بالمخالفة فسقطت حجة المخالف ثم إن عينها ولو بوجه تعينت ولو أطلقها كما لو التزم طاعة أو قربة تخير وبر بأقل ما يصدق عليه الاسم وفي حديث أمير المؤمنين (ع) في رجل نذر ولم يسم شيئا قال إن شاء صلى ركعتين وإن شاء صام يوما وإن شاء تصدق برغيف وفي آخر بكف من بر أما لو قال على التزام أو نذر أو عهد لم ينعقد كما في صحيحة الكناني وغيرها عن أبي عبد الله (ع) في رجل قال علي نذر قال ليس النذر شيئا حتى يسمى لله (تع) صياما أو صدقة أو هديا أو حجا ولا منافاة بين الروايات ولا حاجة إلى حمل الأولتين على الاستحباب كما في المفاتيح وغيره وتنقسم الطاعة إلى ما هي طاعة بأصل الشرع وما هي طاعة بالنية والعزم كما سبق فالأول كالصلاة والزكاة وهي الطاعات المطلقة والثاني كالأكل للتقوى على العبادة وهي الطاعات المنوية والقسمان يشتركان في صلوحهما متعلقا للنذر والعهد ومثله في المرجوحات فلو التزم مرجوحا مطلقا كالزنا أو التزم مرجوحا منويا كالمصارعة والفروسية للتلصص وقطع الطريق فلا ينعقد اجماعا ولا حنث في مخالفته أما نذر المباح المتساوي الطرفين دينا ودنيا فكالمرجوع عند الأكثر ومنهم المصنف لاشتراط النذر بالقربة وهي منتفية فيه و كالراجح عند بعضهم لرواية الحسن بن علي عن أبي الحسن (ع) في جارية قال لله علي أن لا أبيعها فقال ف لله بنذرك وفي المفاتيح مع كونه غير راجح وكذا العهد خلافا لمن ألحقه باليمين فينتفي اشتراط الرجحان فيه كما يأتي ج كونها مقدورة له فلا ينعقد نذر طواف بيت المعمور أو عهده ولو نذر الفقير الصدقة بمال جزيل أو عهده انعقد مراعى بوقته المعين أو المطلق ولا حنث لو تعذر عليه د التعليق فلا ينعقد المتبرع به وهو غير المعلق نذرا كان أو عهدا وفاقا للسيد مدعيا عليه الاجماع في الأول لما سبق نقله من تخصيص بعض اللغويين وخلافا للشيخ مدعيا عليه الاجماع وتبعه الأكثر ومنهم المصنف في المفاتيح لعموم الأدلة واطلاق النصوص ومعارضة للتخصيص بالتعميم فإن قلت المخصص مثبت لما نفاه المعمم فيجب تقديمه عملا بالقاعدة المشهورة قلت لو قال أحدهما أنه الوعد وقال الآخر أنه الوعد بشرط كان المخصص مثبتا أما لو قال أحدهما أنه الوعد بشرط و الآخر أنه الوعد بشرط وبغير شرط أيضا كما هو المنقول فالمثبت هو المعمم دون المخصص على أن الحق أن ما نحن فيه ليس من أفراد القاعدة بعد تسليمها إذ المراد بالمثبت فيها من يثبت نفيا وبالنافي من ينفي اثباتا كما يتضح ذلك من النظر في مثالها المشهور وهو قول بلال أنه دخل صلى الله عليه وآله البيت وصلى وقال أسامة دخل ولم يصل والوجه أن عموم الأدلة واطلاق النصوص بحيث يخرج بها عن الأصل وظاهر صحيحة منصور غير معلوم ومن ثم توقف الشهيد في الدروس كما هو ظاهر الكتاب وهو في محله فايقاع غير المعلق خروج عن يقين الانعقاد ولا سيما في النذر الذي هو محل تعارض الاجماعين وكلام اللغويين ومورد الصحيحة ومخالفته خروج عن يقين الانعقاد ولا سيما في العهد لما عرفت من اختصاص أدلة اشتراط الاشتراط لو تمت بالنذر و الحاقه به في ذلك دون اليمين في عدمه غير مقطوع به لشبهة الخلاف كما في المباح وفي اشتراط الصيغة اللفظية فيهما أو الاكتفاء بعقد القلب قولان وظاهر ما تقدم من الصحيحتين وغيرهما الأول وصيغة النذر لله علي كذا ويزيد في المعلق إن كان كذا أو لم يكن مقدما كما هو الأصل مع الاتيان بالفاء الجزائية أو حذفها أو مؤخرا كما هو المأثور في الصحيحة للتوسط أيضا وجه ظاهر وصيغة العهد عاهدت الله على كذا أو علي عهد الله وفي الاكتفاء بالترجمة مع الاتيان بلفظ النذر والعهد وجه قوي ثم إن لم يوقت الاتيان بالطاعة الملتزمة فوقته تمام العمر و لا يتضيق إلا عند غلبة الظن بالفوت فإن فات قبله فعله وكان مما يقضى عنه قضى عنه وربما قيل بوجوب المبادرة ابتناء على أن الأمر للفور وهو ممنوع نعم لا بأس بالاستحباب استباقا إلى الخير ومسارعة إلى المغفرة وأن وقته تعين فإن أتى بها فيه بر وإلا حنث فإن كان عامدا عالما مختارا أثم وكفر وجوبا وأن لا يكن كذلك بل ناسيا أو ساهيا أو جاهلا أو مكرها فلا بأس لرفع المؤاخذة عن هؤلاء وهل ينحل به الالتزام قولان والمصنف على العدم في النذر أما مع العمد فالمشهور الانحلال مطلقا وربما يدعى عليه الاجماع لأن المخالفة لا تتكرر لاستحالة تحصيل الحاصل كذا في المفاتيح ثم قال ومن المعاصرين من جزم بعدم الانحلال مع تعدد أفراد المخالفة كما إذا نذر صوم كل خميس مثلا لجواز تكرر المخالفة حينئذ ولمكاتبة بندار مولى إدريس التي
(٢٢١)