يمكن الفرق بأنه قد انتفى جوابه مطلقا بخلافهم إذ لهم لسان يرتقب جوابه وهم باقون على حجتهم كما تقدم في رواية الغائب فيحتاط بتكفيل القابض استظهارا وكذا مع القول باليمين إذا تعذرت كما لو كان مدعى الغائب وكيل المستحق فإنه لا يجوز احلافه فيستظهر بالكفيل وفي تتمة الرواية ولا يدفع المال إلى الذي أقام البينة إلا بكفلاء إذا لم يكن مليا ويقضى بالشاهد الواحد واليمين في حقوق الناس المالية خاصة سواء كان مالا كالدين أو متضمنة له كالغصب وعقود المعاوضات والجناية الموجبة للدية دون حقوق الله (تع) كالحدود ودون ما لا يتضمن مالا من حقوق الآدميين كالطلاق والنسب والوكالة والوصاية وعيوب النساء والرجال ونحوها بلا خلاف فيهما وعن أبي عبد الله (ع) قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بشهادة رجل مع يمين الطالب في الدين وحده وعن أبي جعفر (ع) لو كان الأمر إلينا لأجزنا شهادة الرجل الواحد إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق الناس فأما ما كان من حقوق الله أو رؤية الهلال فلا وفي النكاح والخلع والوقف والعتق خلاف وفي المفاتيح أن الأظهر ثبوت النكاح بهما إن ادعته الزوجة خاصة لتضمنه المال حينئذ وإن كان الغرض الأصلي فيه الاحصان والتناسل وكذا الخلع إن ادعاه الزوجة خاصة لعين ذلك وفي الوقف يبنى على أنه هل ينتقل إلى الموقوف عليه أم الله أم الأول مع الانحصار والثاني مع عدمه أو يبقى على ملك الواقف وبالجملة فالثبوت بهما يتبع المالية والأولى تقديم الشاهد حتى إذا قبلت شهادته حلف المدعي تتميما لها كما يلوح من فحاوي الروايات دون تقديم اليمين إذ ربما ترد الشهادة فتلغوا اليمين وبهذا ظهر ما في كلام بعضهم أن اليمين بمنزلة الشاهد ولا ترتيب بين الشاهدين فكذا ما ينوب منابه ولا ينعقد في اسقاط دعوى أو ايجابها يمين إلا بالله عز وجل بلفظ الجلالة أو غيرها من أسمائه الخاصة كالرحمن وخالق الخلق والمبدئ المعيد والمحيي المميت ونحوها دون المشتركة كالحكيم واللطيف والسميع والبصير أو غيرها كالكتب المنزلة والرسل المعظمة والأماكن المشرفة كما يأتي في باب اليمين وإن رضي بها المستحلف مسلما كان الحالف أم كافرا مطلقا على المشهور فورد عن أبي جعفر (ع) في قول الله (تع) والليل إذا يغشى والنجم إذا هوى وما أشبه ذلك قال إن الله عز وجل أن يقسم من خلقه بما يشاء وليس لخلقه أن يقسموا إلا به وفي الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) لا يحلف اليهودي ولا النصراني ولا المجوسي بغير الله إن الله عز وجل يقول فاحكم بينهم بما أنزل الله وفي معناه غيره وقيل لو رأى الحاكم احلاف الذمي بما يقتضيه دينه أردع جاز كما في رواية السكوني أن أمير المؤمنين (ع) استحلف يهوديا بالتورية التي أنزل على موسى وربما يقال إن المجوسي يعتقد أن النور إله فيحتمل إرادته له من الإله المحلوف به فينبغي أن يضم إليه بما يزيل الاحتمال مثل قوله خالق النور وهما ضعيفان فالمشهور في حلف الأخرس أنه بالإشارة وقيل إنه يوضع يده مع ذلك على اسم الله المكتوب في مصحف أو غيره والمروي ما تقدم من قضية أمير المؤمنين (ع) ولو كانوا الذين يتوجه عليهم اليمين أصالة أو ردا جماعة اثنين فما زاد فعلى كل واحد منهم يمين لاسقاط نصيبه من الدعوى أو اثباته ولا يغني بعضهم عن بعض وإن كانت الدعوى ولو نكل واحد وأجاب آخر فلكل واحد حكمه ويستحب للحاكم تهويل اليمين وتقديم العظة عليها والتخويف من عاقبتها كاذبة أم صادقة بذكر ما ورد في ذلك من الروايات والحكايات سيما ما قرب عهده فإن لها في إنذار النفوس العامية أثرا بينا وهو أقوى ما ينزجر به الحالف ويبالغ في التشديد عليه فإن كاذبتها حرام تدع الديار بلاقع من أهلها وهي اليمين الغموس التي تقدم عدها من الكباير وصادقتها مكروهة فعن أبي عبد الله (ع) لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين فإنه (تع) قد نهى عن ذلك وعنه (ع) من حلف بالله كاذبا كفر ومن حلف بالله صادقا أثم ولا سيما إذا كثرت فورد في بعض الوجوه في قوله (تع) ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن العرضة هو المعرض للأمور والمعنى لا تجعلوه معرضا لليمين فتبتذلوه بكثرة الحلف عليه أو كانت على قليل من المال فإن الامتناع والخسارة أولى من الحلف وفي الحديث النبوي من أجل الله أن يحلف به أعطاه الله خيرا مما ذهب منه وورد في تقديره ثلاثون درهما فما دون روى ذلك علي بن الحكم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال إذا ادعى عليك مال ولم يكن له عليك فأراد أن يحلفك فإن بلغ مقدار ثلاثين درهما فاعطه ولا تحلف وإن كان أكثر من ذلك فاحلف ولا تعطه ومثل هذا التعبير إنما كان يحسن لو ورد شئ من الروايات بلفظ قليل ولم نتحققه وفي رواية أن السجاد (ع) تحمل للخارجية أربعمائة دينار ولم يحلف والأجود اختلاف ذلك باختلاف الأحوال وقد ورد استحباب تعظيم الله للمستحلفين أيضا ففي الحديث النبوي من قدم غريما إلى السلطان يستحلفه وهو يعلم أنه يحلف ثم تركه لم يرض الله (تع) له بمنزلة يوم القيامة إلا بمنزلة خليل الرحمن وقد تباحان الكاذبة من غير إثم والصادقة من غير كراهة للضرورة كالتقية والخلاص من الأذى ففي حديث الكناني عن أبي عبد الله (ع) ما صنعتم من شئ أو حلفتم عليه من يمين في تقية فأنتم منه في سعة وعن زرارة قلت لأبي جعفر (ع) نمر بالمال على العشار فيطلبون منا أن نحلف لهم ويخلون سبيلنا ولا يرضون منا إلا بذلك قال فاحلف لهم فهو أحلى من التمر والزبد بل ربما تجبان إذا توقفت المصلحة المقصودة عليهما كانقاذ مؤمن من ظالم فعن النبي صلى الله عليه وآله احلف بالله كاذبا وانج أخاك من القتل ويوري إن كذبت ويكون المعتبر نيته لأنه المظلوم وهو على البت أبدا مثبتا كان أو نافيا إلا إذا حلف على نفي فعل الغير والضابط أنه إن كان يحلف على نفسه فعلى القطع سواء كان لاثباته أو نفيه لأنه يعرف حال نفسه وإن كان على فعل الغير فإن كان لاثباته فعلى البت أيضا لأنه يسهل الوقوف على الاثبات كما أنه يشهد به وإن كان لنفيه فعلى نفي العلم لتعسر الوقوف على النفي المطلق ومن ثم لا
(٢٠٨)