المدعي البينة فليعلمه بذلك فإن أقامها حاضرة والتمس الحكم حكم له بما تقتضيه بينته بعد الاجتهاد في تعديلها إن لم تكن معدلة وسلامتها عن سائر ما يوجب الرد وإن استمهل احضارها لكونها غائبة بزعمه أمهل ولم يلزم باحلاف الخصم والأجود أنه لا تقدير له لأن الحق له يثبته متى شاء وإن لم يقم البينة العادلة سواء لم يقمها أصلا أو على وجه القبول والتمس احلاف الخصم حيث يصح له ذلك أحلفه وإن امتنع كان ناكلا وأن لا يلتمس يمينه توقف الأمر ولم تتنجز الدعوى فإن تبرع به هو من غير أن يرده عليه المنكر أو تبرع به المنكر من غير أن يلتمسه المدعي لم يعتد بذلك اليمين ولم يترتب عليه أثر في ثبوت الدعوى أو سقوطها أما الأول فلأن اليمين ليس من وظيفة المدعي ابتداء و إنما يتوجه إليه برد المنكر فبدونه يقع لغوا وأما الثاني فلأن الاحلاف حق المدعي وربما يكون له مصلحة في تأخير استيفائه فالمبادرة إليه قبل المطالبة غير لازمة القبول ويحتمل على بعد ارجاع المنفصل إلى الحاكم كما هو ظاهر المفاتيح ويكون ويكون حكم تبرع المدعي باليمين مسكوتا عنه في الكلام لكنه لا يخلو من خلل لفظا ومعنى فإن حلف المنكر للمدعي بالتماسه سقطت دعواه وتلغو لو أعادها وحرمت مطالبته به ومقاصته فيما يجده من ماله كما كان له ذلك قبل التحليف وما ورد بجواز المقاصة بعد الحلف فمحمول على ما إذا حلف تبرعا من دون استحلاف كما قاله الصدوق ولا تسمع بينته بعده مطلقا على الأصح ففي الصحيح وغيره عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال إذا رضي صاحب الحق بيمين المنكر لحقه فاستحلفه فحلف أن لا حق له قبله ذهبت اليمين بحق المدعي فلا دعوى له قلت وإن كانت عليه بينة عادلة قال نعم فإن أقام بعد ما استحلفه بالله خمسين قسامة ما كان له حق وكانت اليمين قد أبطلت كل ما ادعاه قبله مما استحلفه عليه وقيل تسمع مطلقا وقيل إلا أن يشترط المنكر سقوط الحق باليمين وقيل إن نسيها أو لم يعلم بها وكلها اجتهادات في مقابلة النص نعم يجوز المطالبة والمقاصة في صورة واحدة هي أن يكذب الحالف نفسه ويقر بالدعوى كلا أو بعضا لتصادقهما حينئذ على بقاء الحق فلا وجه لسقوطه و بهذا ظهر ما في العبارة من الخلل إلا أن يعتبر المستثنى منه مجموع ما تقدم على الاستثناء وفيه من البعد و الابهام ما لا يخفى وإن أبى المنكر أن يحلف ورد اليمين على المدعي حلف المدعي لثبوت دعواه إلا في بعض المواضع كما إذا كان غير جازم في الدعوى بل قال أظن ونحو ذلك لدلالة بعض القرائن مثل إن وجد صورة الدعوى بخط مورثه على القول بسماع هذه الدعوى أو كان من ما لا يستحق له بخصوصه كما إذا ادعى أن الميت أوصى بالخمس أو الزكاة أو نحو ذلك وأنكر الوارث فإنه يلزم باليمين أو الاقرار ولا يستحلف المدعي أو ادعى الوصي مالا لليتيم على آخر فأنكر المدعى عليه وينبغي تقييده بما إذا لم يدع الوصي أنه المباشر للاقراض مثلا فإن المتجه توجه اليمين عليه حينئذ لأنه على فعله وإن كان الحق لغيره فإن امتنع المدعي عن اليمين حيث ترد عليه سئل عن سبب امتناعه فإن علل باحضار بينة ينتظرها أو نظر في حساب ونحوه ترك ولم يبطل حقه وإلا يعلل بشئ أو قال ما أريد أن أحلف سقط حقه مطلقا لأنه نكول وليس له مطالبة الخصم بعد ذلك كما لو أحلف المدعى عليه لصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام وغيره في الرجل يدعي ولا بينة له قال يستحلف فإن رد اليمين على صاحب الحق فلم يحلف فلا حق له وقيل إنما يسقط حقه في ذلك المجلس وله استيناف الدعوى في مجلس آخر وفي المفاتيح أن الأصح الأول إلا أن يأتي ببينة وإن نكل المنكر بأن لا يحلف ولا يرد الحلف على المدعي ألزمه الحاكم بأحدهما لا بعينه بأن يقول له إن حلفت وإلا جعلتك ناكلا ويكرر ذلك ثلاثا استظهارا لا فرضا فإن حلف فذاك وإن أصر على النكول قضى عليه بمجرده وفاقا للمحقق وغيره لظاهر صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) أن أمير المؤمنين (ع) يكتب للأخرس اليمين وغسلها وأمره بشربها فامتنع فألزمه الدين ورواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الشيخ عليه السلام في الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلا يكون له البينة بماله قال فيمين المدعى عليه فإن حلف فلا حق له وإن لم يحلف فعليه الحديث وإن أحلف الحاكم حينئذ المدعي كما نقل عن الخلاف مدعيا عليه الوفاق فقد أخذ باليقين لظهور حسنة هشام وغيرها في ذلك ويجوز أن يقضي على الغائب عن المجلس سواء كان مسافرا أو حاضرا مطلقا على المشهور وقيل يعتبر في الحاضر تعذر حضوره في مجلس الحكم لأنه للضرورة فيقتصر على محلها وقواه في المفاتيح وفي رواية جميل الغائب يقضي عليه إذا قامت عليه البينة و يباع ماله ويقضي عنه دينه وهو غائب ويكون الغائب على حجته إذا قدم وظاهرها المسافر وكيف كان فهو في حقوق الناس خاصة كالديون والعقود دون حقوق الله كالزنا واللواط مطلقا لأنها على التخفيف ولو اشتمل على الحقين كالسرقة فلكل حكمه ولا يمين مع البينة مطلقا أما على المنكر فلأن توجه اليمين إليه مشروط بفقد البينة وأما على المدعي فلأن وظيفته البينة وقد أقامها فلا يكلف بوظيفة المنكر والنصوص بذلك مستفيضة وفي حديث أمير المؤمنين (ع) لشريح ورد اليمين على المدعي مع بينته فإن ذلك أجلى للعمى وأثبت للقضاء وحمل على ما إذا اشتبه عليه صدق البينة كما ينبه عليه التعليل إلا أن تكون الشهادة على ميت بدين فيستحلف المدعي على بقاء الحق في ذمته استظهارا بلا خالف وفي تتمة رواية عبد الرحمن وإن كان المطلوب بالحق قد مات فأقيمت عليه البينة فعلى المدعي اليمين بالله الذي لا إله إلا هو لقد مات فلان وإن حقه لعليه فإن حلف وإلا فلا حق له لأنا لا ندري لعله أوفاه ببينة لا نعلم موضعها أو بغير بينة قبل الموت فمن صارت عليه اليمين مع البينة فإن ادعى ولا بينة له فلا حق له لأن المدعى عليه ليس بحي ولو كان حيا لألزم اليمين أو الحق أو يرد اليمين عليه فمن ثم لم يثبت له عليه حق وفي الحاق الغائب والصبي والمجنون بالميت قولان من اشتراك العلة المومي إليها في النص وهو أنه ليس للمدعى عليه لسان يجيب ومن كونه قياسا مع أنه
(٢٠٧)