لهم الدعاء فيكم ولا يستجاب لهم في أنفسهم وفي حديث أمير المؤمنين (ع) لأنهم يكذبون وأن يصرف العطاء إلى من يكثر باعطائه الأجر بكونه متقيا عاملا صادقا متوكلا يرى النعمة منه (تع) لا من المعطي فإنما يراه واسطة متعففا ساترا للحاجة محصورا في سبيل الله محبوسا في طريق الآخرة بمرض أو عيلة أو ضيق معيشة أو اصلاح قلب أو سبب من الأسباب ولكن يرفع أهل العلم والايمان الخاص من الزكاة الواجبة والصدقات لأنها أوساخ الأموال والعلماء ورثة الأنبياء وعلماء هذه الأمة خلفاء رسول الله صلى الله عليه وآله ومندرجون في آل محمد بالنسبة الباطنة الروحانية وكما لا تليق هذه الأوساخ بمرتبته ومرتبة المنتسبين إليه بالنسبة الظاهرة الجسمانية ومن ثم لم يرتضها الله لهم في ظاهر الشريعة احتشاما لهم وغيرة على مرتبتهم فكذا ورثته وخلفاؤه والمنتسبون إليه بالنسبة الروحانية بل هم أولى بذلك في باطن الشريعة لأن نسبتهم إليه آكد وقد علمت أن الباطن هو الأصل والأهم وإنما الظاهر عنوان له وعلامة عليه ويقرب منه القول في خواص المؤمنين فورد في روايات أهل البيت (ع) أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله من يستحق الزكاة قال المستضعفين من شيعة محمد وآله الذين لم تقو بصائرهم فأما من قويت بصيرته وحسنت بالولاية لأوليائهم والبراءة من أعدائهم معرفته فذاك أخوكم في الدين أمس بكم رحما من الآباء والأمهات المخالفين فلا تعطوه زكاة ولا صدقة فإن موالينا و شيعتنا منا وكلنا كالجسد الواحد يحرم على جماعتنا الزكاة والصدقة وليكن ما تعطونه إخوانكم البر و ارفعوهم عن الزكاة والصدقات ونزهوهم عن أن تصبوا عليهم أوساخكم أيحب أحدكم أن يغسل يده ثم يصبه على أخيه المؤمن أن وسخ الذنوب أعظم من وسخ البدن فلا توسخوا بها إخوانكم المؤمنين الحديث فيوسع عليهم بالهدايا والصلات والكرامات وإن ساق إليهم المعروف أولا قرضا ثم أبرأهم منه فقد فاز بالثوابين وأن يبدأ بمن يعول كما استفاض الأمر به في أخبار المعروف والصدقة ثم الأقرب فالأقرب نسبا وجوارا والأهم فالأهم علما وورعا وحاجة وغير ذلك مما ذكر ولا يمنعه عن ذلك ما يوجد غالبا في الأقارب من اضمار العداوة والحسد فإن ذلك مما يزيد الصدقة فضلا بل هي أفضلها على الاطلاق كما ورد أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وآله أي الصدقة أفضل قال على ذي الرحم الكاشح أي الذي يضمر لك العداوة في كشحه أي باطنه وإنما كانت الصدقة عليه أفضل لمخالفة الهوى فيها زيادة على ما في غيرها من الصدقات وهي الطريق إلى الله وورد في النبوي أيضا لا صدقة وذو رحم محتاج تجوزا بنفي الحقيقة عن نفي الكمال وفيه والصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر وصلة الإخوان بعشرين وصلة الرحم بأربعة وعشرين وما تركب منها فبحساب ذلك وأن يتصدق في كل يوم بما تيسر ليذهب الله عنه نحس ذلك اليوم ويباكر بها ليبادر بها البلاء ففي النبوي وغيره باكروا بالصدقة فإن البلا لا يتخطاها وأن لا يرد السائل ولو ظن غناه فورد عن أبي جعفر (ع) اعط السائل ولو كان على ظهر فرس ويتأكد في السائل الذكر بالليل فإن لم يجد شيئا فلا يرده إلا بلطف فورد فيما ناجى الله به موسى يا موسى أكرم السائل ببذل يسير أو برد جميل لأنه لا يأتيك من ليس بإنس ولا جان ملائكة من ملائكة الرحمن يبلونك فيما خولتك ويسئلونك عما تولتك فانظر كيف أنت صانع يا بن عمران وروي جواز الرد بعد اعطاء ثلاثة فعن أبي عبد الله عليه السلام اطعموا ثلاثة وإن شئتم فازدادوا وإلا فقد أديتم حق يومكم وأن يغتنم السئول فإنه رحمة ساقها الله إليه وفي كلام أمير المؤمنين (ع) إن حوائج الناس إليكم نعمة من الله عليكم فاغتنموها ولنعم ما قيل - توشه برداريست بهر منزل فرادي تو - مغتنم دان چون بدر كاه توايد سائلي - سيما ممن رق له القلب فهو علامة صدق السائل فعن أبي عبد الله (ع) أنه سئل عن السائل يسئل ولا يدري ما هو فقال اعط من وقعت في قلبك له الرحمة ويسئ الظن بنفسه دون السائل عند فقده فلا يعده علامة كذبه وليس في الرواية ما يشعر بالملازمة وجودا وعدما وأن لا يحتقر ما عنده فيمتنع من اعطائه ويحرم الفضل فورد في حديث أمير المؤمنين (ع) لا تستحيوا من اعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه سيما إن كان مقلا فورد عن أحدهما (ع) أفضل الصدقة جهد المقل وأن لا يملك ما تصدق به اختيارا زكاة أو غيرها ولا بأس إن رجع إليه بالإرث كما في صحيحة منصور بن حازم وغيرها وأن لا يمتنع إذا اقترح عليه أن يقسم صدقة الغير فورد في حديث أبي عبد الله (ع) قيل له إذا وجبت زكاتي أخرجتها فأدفعها إلى من أثق به يقسمها قال نعم لا بأس بذلك أما إنه أحد المعطين وفيه المعطون ثلاثة رب العالمين وصاحب المال والذي يجري على يديه وفي آخر عد الساعي في ذلك وفي رواية لو أن المعروف جرى على سبعين يدا وفي أخرى أربعين ألف انسان لأجروا كلهم من غير أن ينقص من أجر صاحبه شئ وأن يجتنب المن والأذى بعد الصدقة فإنهما يحبطان الأجر فيذهب ماله في الدنيا وثوابه في الآخرة فورد في التنزيل يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى بعد قوله عز وجل قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم وفسر القول المعروف بالرد الجميل والمغفرة بالتجاوز عن السائل الحاجة أو نيل المغفرة من الله بسبب الرد الجميل وإنما كانا خيرا من الصدقة المتبوعة بالأذى لأن صاحب هذه الصدقة لا يرجع إلى خير في دنياه ولا في عقباه والمن أن يرى نفسه محسنا إلى من أنعم عليه لاعتداده بعطائه ويعرف ذلك بقوة استبعاد ما ربما يتفق من جناية وسوء أدب من القابض بالنسبة إليه بعد العطاء بقدر تفاوت ما بينه وبين استبعادها من أكفائه الذين لم تجر له عليهم نعمة والحال أن المحسن هو القابض لإيصاله تسبيبا إلى الثواب المستحق بالبذل والانجاء من العقاب المستحق بالمنع وكونه نائبا عنه (تع) في القبض وهو حق له عز وجل من بعض ما أنعم به عليه أحال عليه الفقير انجازا لما وعده من الرزق ووفاء بما ضمنه له والأذى التعيير وهو كما سبق النسبة إلى العار وهو العيب كالعمى والنكد وسوء الحال والتوبيخ كاللوم بالسؤل وترك التكسب والقول السيئ مثل خلصني الله منك ولا أراني وجهك ولا رزقك الله والقطوب
(١٦١)