التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٠٨
هذا كلام زيد اكرامه ولننظر في جميع ما قرره هذا الشيخ المعظم قدس الله روحه توضيحا لجلية الحال فاعلم أن النيروز الفارسي ربما يتوافق في هذا العام مثلا مع اليوم المعين في العام الأول وأكثر ما يفرض ذلك خمس سنين متوالية ثم يتقدم عليه بيوم واحد ثم بيومين وهكذا إلى أن يبلغ التفاوت شهرا أو شهرين ثم يعود إلى التوافق كل ذلك بسبب أمر الكبيسة فلا يقف التفاوت إلى حد بل يدور النيروز في الفصول المتعينة بمسير الشمس كلها ولا يمكن تعيينه بحسب موضع الشمس ولا بحسب أيام العربية فإنها تتوافق وتتخالف ولا الرومية لأنها مكبوسة في كل أربع سنين بيوم ولا الجلالية التي يبتني عليها التقاويم الآن لأنها مكبوسة أيضا نعم يمكن ضبط يوم معين بجزء الشمس على رصد ابرخس بيوم معين من الأيام الرومية أو الجلالية لتوافقها جميعا في الكيس و مقداره وفقد ما يقتضي التقديم والتأخير فتعيين النيروز الفارسي بعاشر آيار أو غيره من الأيام الرومية مما لا يكاد يفرض له وجه استقامة ويشبه أن يكون اشتباها منشأه مصادفة يوم النيروز في بعض الأزمنة لشئ منها فظن اطراد ذلك نظير ما اتفق للكفعمي في المصباح في بيان الأعمال المتعلقة بشهر شعبان أن الثالث والعشرين منه النيروز المعتضدي مضبوطا بالحادي عشر من حزيران تاسع شهور الروم وفي الأنوار النعمانية أن العشرين من شهر شعبان النيروز المعتضدي ومعلوم أن مثل ذلك لا يمكن أن ينضبط بالشهور العربية وقد يترائى أنه يأبى مثل ذلك اطراء مثل ابن إدريس في وصف من ضبطه آيار فيقرب أن يكون لفظة آيار تصحيف إزار من بعض الناقلين ممن ليس له إحاطة تامة بالفن وأن ذلك المحصل يرى ما يراه ابن فهد من أنه أول الحمل فإن حلول الشمس في الحمل إنما يكون في عاشر آذار وهو الشهر المتقدم على نيسان وأما آيار فهو الشهر المتأخر عنه و في عاشره تدخل الشمس أول الجوزاء ولما كانت معرفة الأشهر الرومية واستقراء حسابها أسهل تناولا من معرفة حلول الشمس أول الحمل وقد روي من طرق الخاصة والعامة آداب وأعمال تتعلق بها وعليها بناء النيروز المعتضدي أيضا لا جرم حاول تعريف أول الحمل بعاشر إزار اتكالا على وضوحه وكثرة العارفين به بخلاف مدخل الحمل إذ لا يعرفه إلا الأوحديون من الرصديين بعد جهد طويل و أعمال كثيرة يضيق عنها وسع الأكثرين من الخواص فضلا عن العوام والتحقيق أنه بمعزل من الصواب إذ مطابقة أول الحمل لعاشر آذار في هذه الأعصار بحسب الرصد الجديد السمرقندي المعمول سنة أربعين وثمانمائة لا يقتضي مطابقته له في عصر ابن إدريس بحسب الرصد الذي عول عليه ذلك المحصل مع ما نعلم بينهما من التفاوت في مقدار الدقايق الناقصة عن الربع ومما يؤيد عدم الانطباق أن مبدأ الجدي في عامنا هذا وهو سنة ثلاث وستين بعد المائة والألف بحسب الزيج الجديد هو حادي عشر كانون الأول ومقتضى ما نقله عن بعض العلماء أنه الخامس عشر منه وهذا يقتضي وجود مثل هذا التفاوت في مبدأ الحمل أيضا وكذا جعله أول سنة الفرس إشارة إلى أول الجدي لا محمل له إلا الاشتباه المذكور وكذا ما نقله من أن السابع عشر من كانون الأول صوم اليهود وذلك لأن كانون الأول من الشهور الرومية وأما اليهود فلهم شهور أخر بحسب لغتهم وهي قمرية كشهور العرب ولهم فيها عدة صيام ولا ارتباط لهم بشهور النصارى بوجه وأما النصارى فلهم أيضا عدة صيام في شهورهم وصومهم الكبير يدور بين ثاني شباط وثامن آذار يتقدم ويتأخر ومن ثم وضعوا لمعرفته في بعض الزيجات حد ولا يرجع إليه في تعيينه من أراد ذلك وما أفاده من أن الشمس تنزل قبل ذلك بيومين برج الجدي عجيب أيضا وكذا قوله إن النهار يأخذ عند ذلك كل يوم مقدار ثلاث عشر ساعة من الليل لأن الزيادة حوالي الانقلاب الشتوي أقل من ذلك بكثير حتى أنها لقلتها ربما لا يحس بها أياما متوالية لأنها لا تبلغ الدقيقة ثم تتدرج شيئا فشيئا إلى أن تبلغ في كل يومين أو ثلاثة أيام دقيقة واحدة وهي سدس عشر ساعة ثم في كل يوم دقيقة وهكذا إلى أن تبلغ المقدار المذكور حوالي الاعتدال الربيعي على قدر ما يأخذ الليل من النهار في الانقلاب الصيفي وأما ما أورده في الوجه الأول ففيه احتمالان أحدهما أن استعمال لفظ النيروز في مبدأ الحمل أكثر شيوعا في العرف فينبغي حمله في الحديث عليه ويؤيد هذا الاحتمال ما ذكره في ذيل فإن قلت الثاني إن معرفة مبدأ الحمل أوضح وأظهر بين الناس من معرفة غيره من المعاني المذكورة فينبغي حمله على المعنى الواضح الذي يعرفه كل أحد دون المعاني الغامضة ويؤيد ما ذكره من التنظير بأوقات الصلوات ومداخل الشهور ويرد على الأول أنه مجرد دعوى بين البطلان عند أهل الخبرة بالحساب والتواريخ فإن كون نيروز الفرس دايرا في الفصول سيما من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى زمان السلطان جلال الدين ملك شاه السلجوقي أمر لم يبلغنا خلافه من أحد منهم وكتبهم مملوءة من التصريح بأن الروم والفرس كانوا لم يلاحظوا في مبدأ سنينهم موضع الشمس وإن جعل الاعتدال الربيعي مبدأ السنة مخصوص بالتاريخ الجلالي ولا يوافقه شئ من التواريخ المشهورة وأنه اجتمع بحضرته عدة من الحكماء الراسخين أحدهم عمر الخيام فأمرهم أن يقننوا له تاريخا باسمه ممتازا عن غيره من التواريخ فاختاروا المبدأ السنة حفظا من أن يدور في الفصول يوم انتقال الشمس إلى الحمل قبل نصف النهار واتفق ذلك يوم الجمعة ثامن عشر فروردين القديم عاشر شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وأربعمائة فكيف يمكن أن يجعل مثل ذلك مناطا للأحكام الشرعية الثابتة قبل ذلك بقريب من خمسمائة سنة ودعوى تقدمه على الاسلام والاغماض عن تقييده بالجلالي والسلطاني مما يقضى منه العجب و وشيوع استعمال لفظ النيروز فيه في العرف بعد حدوثه مما لا يجدي في حمل لفظ الحديث عليه وهو ظاهر وعلى الثاني أيضا المنع فإن معرفة وقت حلول الشمس أول نقطة من الحمل أمر في غاية الغموض كما أشرنا إليه وناهيك في ذلك بما وقع من الاختلاف فيه بين الرصديين على دقة
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360