التحفة السنية (مخطوط) - السيد عبد الله الجزائري - الصفحة ١٠٧
يعتنون بضبطه شفقة من أن ينسى مبدأها أو يختل إذا تقادم به العهد ويشتغلون في تلك الأيام الثلاثين بأنواع اللهو والطرب والزمزمة وسائر الرسوم المعمولة في مللهم وينفق الملك الذي تتفق الكبيسة زمن دولته الأموال الجزيلة على الرؤساء والحكماء وسائر الناس على قدر مراتبهم وكانت الأكاسرة قد رسمت لكل يوم نوعا من الرياحين والزهر يوضع بين يديه ولونا من الشراب على رسم منتظم لا يخالفونه في الترتيب ولجلالة هذا الأمر عندهم وعموم المنفعة فيه للخاص و العام والرعية والملك وما فيه من الأخذ بالحكمة والعمل بموجب الطبيعة ربما كانوا يؤخرون الكبس إذا جاء وقته وأمر المملكة غير منتظم الحوادث ويهملونه حتى يجتمع منه شهران ويتقدمون بكبسها شهرين إذا كانوا يتوقعون في وقت الكبس المستأنف ما يشغل عنه كما عمل في زمن يزدجرد بن شابور أخذا بالاحتياط وهو آخر الكبايس المعمولة وكانت هذه العادة مستمرة في معظم المعمورة إلى زمن يزدجرد بن شهريار آخر ملوك العجم وهو القايم بالأمر في يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشر من الهجرة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله بعدة أيام وإليه ينسب التاريخ اليزدجردي المبتنى عليه بعض الزيجات الاسلامية فلما باد ملكهم وافتتحت العرب بلادهم في عهد الخليفة الثاني ولم يكن للعرب معرفة بهذه الدقايق ولا اهتمام برسوم الفرس واحياء سننهم بل كانوا يكرهون ذلك ومن ثم أسند عليه السلام تضييع النيروز إلى العرب لا جرم أهمل أمر الكبيسة واختل حسابها بحيث لا يعرف الآن على التحقيق ولا محيص عن الرجوع إلى ما يدونه المنجمون في تقاويمهم مما بلغهم خلفا عن سلف ولا نعرف من الأمم في بلاد الاسلام من يعول على هذا الحساب المختل إلا طائفة الصابئة الموجودة في بلادنا وبعض بلاد العراق وأما النيروز المعتضدي وهو حادي عشر حزيران الرومي والخوارزم شاهي وهو يوم حلول الشمس درجة شرفها والطبري وهو يوم حلولها منتصف الجدي والسلطاني ويقال له الجلالي والملكي أيضا وهو حلولها أول الحمل فكلها أوضاع مستحدثة لم يكن في العهود القديمة منها خبر ولا أثر فلا يمكن حمل ما في الرواية على شئ منها وما عدا الأخير منها مما لا كلام في انتفائه وإنما دخلت الشبهة على عصبة زعموا أنه المراد في روايات المعلي ومنهم المصنف طاب ثراه في كتابه الكبير استراحة منهم إلى ما ينبه الشيخ أحمد بن فهد الحلي قدس سره في مهذبه بعد ما فيه عدة أقوال أما نقله ابن إدريس عن بعض محصلي أهل الحساب وعلماء الهيئة وأهل هذه الصنعة أنه عاشر أبواب ما نقله عن الشهيد طاب مثواه أنه أول سنة الفرس وقال إنه إشارة إلى ما هو مشهور عند فقهاء العجم في بلادهم فإنهم يجعلونه عند نزول الشمس الجدي وهو قريب مما قاله صاحب كتاب الأنواء وحكايته اليوم السابع عشر من كانون الأول صوم اليهود وفيه ترجع الشمس مصعدة إلى الشمال ويأخذ النهار من الليل ثلاث عشر ساعة وهو مقدار ما يأخذ في كل يوم وتنزل الشمس ببرج الجدي قبله بيومين وبعض العلماء جعله رأس السنة وهو النيروز ج ما نقله عن صاحب كتاب الأنواء أنه اليوم التاسع من شباط ثم قال والأقرب أنه يوم نزول الشمس برج الحمل وما استدل به على مختاره وجوه أ أنه أعرف بين الناس وأظهر في استعمالهم وانصراف الخطاب المطلق الشامل لكل مكلف إلى معلوم في العرف وظاهر في الاستعمال أولى من انصرافه إلى ما كان بالضد من ذلك ولأنه المعلوم من عادة الشرع وحكمته ألا ترى كيف علق أوقات الصلاة بسير الشمس الظاهر وصوم شهر رمضان برؤية الهلال وكذا أشهر الحج وهي أمور ظاهرة يعرفها عامة الناس فإن قلت استعماله في نزول الشمس برج الحمل غير ظاهر الاستعمال في بلادهم العجم حتى أنهم لا يعرفونه و ينكرون على معتقده فلم خصصت ترجيح العرف الظاهر في بعض البلاد دون بعض وأيضا فإن ما ذكرته حادث ويسمى النيروز السلطاني والأول أقدم حتى قيل إنه منذ زمان نوح (ع) فالجواب عن الأول إن العرف إذا تعدد انصرف إلى العرف الشرعي فإن لم يكن فإلى أقرب البلاد واللغات إلى الشرع فيصرف إلى لغة العرب وبلادها لأنه أقرب إلى الشرع وعن الثاني بأن التفسيرين معا متقدمان على الاسلام ب أنه مناسب لما ذكره صاحب الأنواء من أن الشمس خلقت في الشرطين وهما أول الحمل وفي بعض روايات النيروز أنه أول يوم خلقت فيه الشمس فناسب ذلك اعظام هذا اليوم الذي عادت فيه إلى مبدأ كونها ج أنه مناسب لما ذكره ابن طاوس أن ابتداء العالم وخلق الدنيا كان في شهر نيسان ولا شك أن نيسان يدخل والشمس في الحمل وإذا كان ابتداء العالم في مثل هذا اليوم ناسب أن يكون يوم عيد وسرور ولهذا ورد استحباب التطيب فيه بأطيب الطيب ولبس أنظف الثياب ومقابلته بالشكر والدعاء حيث كان فيه ابتداء النعمة الكبرى وهي الاخراج من حيز العدم إلى الوجود ولهذا أمرنا بتعظيم يوم المبعث والغدير حيث كان فيهما ابتداء منصب النبوة والإمامة وكذا المولدين فإن قلت نسبته إلى الفرس يؤيد الأول لأنهم واضعوه والثاني وضعه قوم مخصوصون ولم يوافقهم الباقون قلنا يكفي في نسبته إليهم أن يقول به طائفة منهم وإن قصروا في العدد عمن لم يقل به ألا ترى إلى قوله (تع) وقالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله وليس القائل بذلك كل اليهود ولا كل النصارى فقوله (ع) إنه اليوم الذي أخذ فيه العهد بغدير خم وكان ذلك سنة عشر من الهجرة وحسب فوافق نزول الشمس في الحمل في التاسع عشر من ذي الحجة على حساب التقويم ولم يكن الهلال رأي بمكة ليلة الثلاثين فكان الثامن عشر على الرؤية ه كون صب الماء في ذلك اليوم سنة شايعة والظاهر أن مثل هذه السنة العامة لجميع المكلفين أن يكون صب الماء في وقت لا ينفر منه الطبع ويأباه ولا يتصور ذلك مع كون الشمس في الجدي لأنه غاية القر في غالب البلاد الاسلامية وقوله (ع) وفيه خلقت زهرة الأرض وهذا إنما يكون في الحمل دون الجدي
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 16
2 باب جرايم الجوارح 17
3 باب التوبة 24
4 باب التدارك 27
5 باب الحد والتعزير 28
6 باب الجناية 35
7 باب ذمايم القلب 40
8 باب الصبر 42
9 باب الحلم 45
10 باب النصيحة 47
11 باب حب الخمولة 49
12 باب التواضع 52
13 باب الفقر 57
14 باب الزهد 60
15 باب السخا 63
16 باب الرضا 65
17 باب الشكر 66
18 باب الرجاء والخوف 68
19 باب قصر الامل 70
20 باب النية 72
21 باب الاخلاص 75
22 باب الصدق 79
23 باب التوحيد والتوكل 80
24 باب تطهير السر عما سوى الله 83
25 باب الماء 88
26 باب الأخباث وتطهيرها 90
27 باب آداب التخلي 95
28 باب الاتفاث وازالتها 96
29 باب آداب التنظيف 97
30 باب الاحداث ورفعها 100
31 باب الوضوء 102
32 باب الغسل 104
33 باب التيمم 110
34 كتاب الصلاة 111
35 باب الشرايط 112
36 باب الأوقات 118
37 باب المكان 121
38 باب اللباس 125
39 باب القبلة 127
40 باب النداء 129
41 باب الهيئة 130
42 باب الآداب والسنن 132
43 باب المكروهات 135
44 باب وظائف يوم الجمعة والخطبتين 136
45 باب آداب العيدين وسننهما 137
46 باب آداب الآيات وسننها 138
47 باب الجماعة 139
48 باب الخلل 141
49 باب التعقيب 145
50 باب الدعاء 146
51 باب فضل قراءة القرآن 148
52 كتاب الزكاة 150
53 باب التعداد والشرايط 150
54 باب المقادير والنصب 153
55 باب المصرف 154
56 باب الأداء 155
57 باب الخمس 156
58 باب المعروف 158
59 باب آداب المعطى 159
60 باب آداب الآخذ 162
61 كتاب الصيام 163
62 باب الشرايط 165
63 باب الهيئة 167
64 باب الآداب 168
65 باب فوايد الجوع 173
66 باب الاعتكاف 174
67 كتاب الحج 175
68 باب الشرايط 177
69 باب الهيئة 178
70 باب المحرمات 181
71 باب الخلل 190
72 باب حرمة الحرم 195
73 باب الزيارات 196
74 كتاب الحسبة 198
75 باب الجهاد 198
76 باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 201
77 باب إقامة الحدود 203
78 باب الفتيا 205
79 باب القضا 206
80 باب الشهادة 209
81 باب اخذ اللقيط 212
82 باب الحجر 212
83 كتاب البر 214
84 باب العطية 214
85 باب العتق 217
86 باب التدبير 219
87 باب الكتابة 220
88 باب النذر والعهد 220
89 باب اليمين 222
90 كتاب الكسب 224
91 باب الآداب 227
92 باب البيع 229
93 باب الربا 234
94 باب الشفعة 236
95 باب الشركة 237
96 باب القراض 238
97 باب الجعالة 240
98 باب الإجارة 242
99 باب المزارعة 244
100 باب المساقاة 245
101 باب احياء الموات 245
102 باب الغصب 248
103 باب اللقطة 250
104 باب السبق 251
105 باب الدين 252
106 باب الرهن 253
107 باب الضمان 254
108 باب الحوالة 255
109 باب الوكالة 256
110 باب الكفالة 257
111 باب الوديعة 258
112 باب الاقرار 259
113 باب الصلح 259
114 كتاب النكاح 260
115 باب التعداد والجدوى 260
116 باب المحارم 263
117 باب الولاية 271
118 باب العقد 272
119 باب الصداق 274
120 باب الخلوة 277
121 باب الحقوق 279
122 باب النشوز 281
123 باب الفسخ 282
124 باب الطلاق 284
125 باب الخلع والمباراة 286
126 باب الظهار 287
127 باب الايلاء 288
128 باب اللعان 289
129 باب العدد 290
130 باب الولد 294
131 باب القرابة 300
132 كتاب المعيشة 300
133 باب الطعام 301
134 باب الأكل 309
135 باب الشرب 312
136 باب الضيافة 313
137 باب اللباس 314
138 باب الطيب 315
139 باب المسكن 316
140 باب المنام 317
141 باب التحية 319
142 باب الكلام 321
143 باب الإخاء 326
144 باب المعاشرة 328
145 باب العزلة 333
146 باب الورد 335
147 باب السفر 338
148 كتاب الجنايز 343
149 باب المرض 343
150 باب الوصية 345
151 باب العيادة 346
152 باب الاحتضار 349
153 باب التغسيل 350
154 باب التكفين 351
155 باب التشييع والتربيع 353
156 باب الصلاة على الميت 354
157 باب الدفن 355
158 باب التعزية 357
159 باب الهدية للميت 357
160 باب زيارة القبر 358
161 كتاب الفرايض 358
162 باب الأسباب والطبقات 358
163 باب الموانع 360