وجمع الأوباش للفساد في الأرض، فلما رجع عنهم ونحر البدن ومعه الجيش والقوة والأداة والعدة وحوله شجعان العرب، علمت العرب أن ما يقوله قريش كذب وبهتان، وأن مرماه الشريف حقن الدماء وصلة الأرحام، ودعوته التوحيد والدين.
ويكفي شاهدا على ما ذكرناه أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج إلى عمرة الحديبية في سنة ست من الهجرة في ذي القعدة مع ألف وخمسمائة أو أقل، وخرج إلى فتح مكة سنة ثمان في شهر رمضان، ولما يتم الحولان في عشرة آلاف أو أزيد (1).
وبعد هذا الصلح عند مقفله (صلى الله عليه وآله) من الحديبية نزل في كراع الغميم قوله تعالى:
* (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * (2) ولما أنزلت عليه سورة الفتح قال له جبرئيل (عليه السلام) نهنئك يا رسول الله، وهناه المسلمون، وتكلم بعض الصحابة وقال: ما هذا بفتح وقد صددنا عن البيت وصد هدينا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما بلغه ذلك: بئس الكلام، بل هذا أعظم الفتح لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالبراج (الراح. دحلان) عن بلادهم وسألوكم القضية ويربحوا إليكم في الأمان، وقد رأوا منكم ما كرهوا، وأظفركم الله عليهم (3).
وفي الطبقات 2: 105: " قال رجل من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) يا رسول الله أو فتح هذا؟ قال: إي والذي نفسي بيده إنه لفتح ".