وتأمين أم هانئ لهما من تأكيد الأمان الذي وقع للعموم فلا حجة في كل ما ذكر على أن مكة فتحت عنوة كما قاله الجمهور وقيل أعلاها فتح صلحا أي الذي سلكه أبو هريرة والأنصار لعدم وجود المقاتلة فيه وأسفلها الذي سلكه خالد رضي الله عنه فتح عنوة لوجود المقاتلة فيه كما تقدم ودخل صلى الله عليه وسلم مكة وهو راكب على ناقته القصواء أي مردفا اسامة ابن زيد بكرة يوم الجمعة معتجرا بشقة برد حبره حمراء واضعا رأسه الشريف على رحله تواضعا لله تعالى حين رأى ما رأى من فتح الله تعالى مكة وكثرة المسلمين ثم قال اللهم إن العيش عيش الآخرة وقيل دخل صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه المغفر وقيل وعليه عمامة سوداء حرقانية قد أرخى طرفها بين كتفيه بغير إحرام ورايته سوداء ولواؤه أسود وعن جابر رضي الله تعالى عنه كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم يود دخل مكة أبيض وعن عائشة رضي الله تعالى عنها كان لواؤه يوم الفتح أبيض ورايته سوداء تسمى العقاب أي وهي التي كانت بخيير وتقدم انها كانت من برد عائشة وعنها رضي الله تعالى عنها انها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح من كداء بفتح الكاف والمد والتنوين وهذا هو المعروف خلافا لما قال إنه دخل من أسفل مكة وهي ثنية كدى بضم الكاف والقصر والتنوين وسيأتي انه عند الخروج خرج صلى الله عليه وسلم من هذه وبهذا استدل أئمتنا على أنه يستحب دخول مكة من الأولى والخروج منها من الثانية أي واغتسل صلى الله عليه وسلم لدخول مكة كما حكاه إمامنا الشافعي رضي الله عنه في الأم وبه استدل على استحباب الغسل لداخل مكة ولو حلالا أي وسيأتي ذلك عن أم هانئ رضي الله تعالى عنها وأي وكن شعار المهاجرين يا بني عبد الرحمن وشعار الخزرج يا بني عبد الله وشعار الأوس يا بني عبيد الله أي شعارهم الذي يعرف به بعضهم بعضا في ظلمة الليل وعند اختلاط الحرب لو وجد ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة واطمأن الناس قال وذلك بالحجون موضع ماغرز الزبير رضي الله تعالى عنه رايته صلى الله عليه وسلم عند شعب أبي طالب الذي حصرت فيه بنو هاشم أي وبنو المطلب قبل الهجرة بقبة من أدم نصبت له هناك
(٢٧)