ولا يخفى على ذي لب أن معنى غلبه الوجع واشتد به الوجع هو أنه يهجر، ولا معنى عند العارف بلغة الضاد غير ذلك، نعم قد لعبت أيدي الأهواء والعصبية بالتحريف أو النقل بالمعنى بألفاظ الحديث حفظا لكرامة القائل وتطهيرا لذيله عن شين هذا اللفظ القبيح فمنهم من نقله " غلبه الوجع " أو اشتد به الوجع " ومنهم من حرفه إلى الاستفهام الحقيقي أو الانكاري، وحاولوا بعد ذلك في تفسير كلمة " هجر " أن يأولوها إلى معنى آخر مصرحين بأن المعنى المعروف هو ينافي عصمته (صلى الله عليه وآله)، فأتوا بتأويلات باردة واحتمالات بعيدة. وإن شئت الوقوف على ما لهج به أنصار القائل فراجع فتح الباري 1: 185 وعمدة القاري 2: 170 والشفاء للقاضي 2: 432 وشرح الخفاجي للشفاء 4: 277 وشرح القاري بهامشه 4: 277 وراجع بعد ذلك ما كتبه النقادون المتتبعون الكبار وتشييد المطاعن 1: 355 - 431 والبحار 8: 261 - 270 ط حجري و 30: 529 وما بعدها ط جديد، وكشف المحجة: 65 و 66 والمراجعات: 53 و 54 والنص والاجتهاد: 169 وابن سبأ: 79 - 82 والصراط المستقيم 3: 3 - 7.
وقال ابن الأثير في النهاية: ومنه حديث مرض النبي (صلى الله عليه وآله) قالوا: ما شأنه أهجر أي: اختلف كلامه بسبب المرض على سبيل الاستفهام، أي: هل تغير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض، وهذا أحسن ما يقال فيه، ولا يجعل إخبارا فيكون