ذلك، إذ يتضح لكل متدبر في القضية أن ما أراده النبي الحكيم (صلى الله عليه وآله) كان أمرا قد اهتم به ونبأ عظيما يتساءل عنه، لم يمنعه المرض والشكوى الشديدة عنه وأن يجيل حوله فكره، بل كان بمكان قد أشغل لبه وفكرته.
كيف وقد صرح (صلى الله عليه وآله) بأن ما يكتبه هو الحافظ الوحيد لامته عن الضلال أبدا بقوله (صلى الله عليه وآله): " اكتب لكم كتابا لن تضلوا - أو لا تضلوا - بعده أبدا " فيعلم من ذلك الاهتمام ومن توصيفه إياه بذلك أنه ليس حكما أو أحكاما فرعية، بل هو قطب رحى الاسلام، ومفتاح كل خير، ومغلاق كل شر، بل به يحفظ الاسلام أصولا وفروعا، وبه يبقى النظام وبه يرتفع كل خلاف في شقاق، وليس ذلك إلا تعيين ولي الأمر بعده الذي به يكمل الدين ويتم النعمة على الاسلام والمسلمين.
والذي تدل عليه القرائن هو أنه (صلى الله عليه وآله) أراد أن يكتب ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه لاكمال دينه وإتمام نعمته، ولبيان ذلك اسمع ما يتلى عليك:
أليس هذا هو الذي صرح به في حديث الثقلين: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض " أو " يا أيها الناس اني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي " (1) وذكر أن التمسك بهما يحفظ عن الضلال أبدا.