عملها في أحوال شيخه البهائي، على ما حكاه صاحب الرياض: " وكان والد هذا الشيخ - أي البهائي - في زمانه من مشاهير فحول العلماء الأعلام والفقهاء الكرام، وكان في تحصيل العلوم والمعارف وتحقيق مطالب الأصول والفروع مشاركا ومعاصرا للشهيد الثاني، بل لم يكن له - قدس الله سره - في علم الحديث والتفسير والفقه والرياضي عديل في عصره، وله فيها مصنفات ".
وقال في حقه المولى نظام الدين محمد - تلميذ ولده البهائي - في كتابه نظام الأقوال في أحوال الرجال: " الحسين بن عبد الصمد بن محمد الجبعي الحارثي الهمداني، الشيخ العالم الأوحد، صاحب النفس الطاهرة الزكية والهمة الباهرة العلية، والد شيخنا أدام الله ظله البهي، من أجلة مشايخنا قدس الله روحه الشريفة، كان عالما فاضلا مطلعا على التواريخ، ماهرا في اللغات، مستحضرا للنوادر والأمثال، وكان ممن جدد قراءة كتب الأحاديث ببلاد العجم، له مؤلفات جليلة ورسالات جميلة، ويدل على اعتنائه بعلم الحديث أنه كتب التهذيب بخط يده، وقابله مع شيخه الشهيد الثاني على النسخة التي بخط المؤلف ".
وبالجملة، فقد دلت مؤلفاته على رسوخ قدمه وتقدمه في العلوم الدينية من الفقه وعلم الحديث والدراية والتفسير والعلوم الأدبية والرياضيات، حتى خطأ المحقق الثاني في أمر القبلة، ومكانته بين العلماء معروفة.
وذكره إسكندر بك التركماني منشئ الشاه عباس الصفوي في كتابه تاريخ عالم آراى عباسي الذي هو في تاريخ دولة الشاه عباس الأول الصفوي، فقال ما تعريبه: " كان من مشايخ جبل عامل العظام، وكان فاضلا عالما في جميع العلوم خصوصا الفقه والتفسير والحديث والعربية، وصرف خلاصة أيام شبابه في صحبة الشهيد الثاني زبدة العلماء الشيخ زين الدين عليه الرحمة، وكان مشاركا ومساهما له في تصحيح كتب الحديث والرجال وتحصيل مقدمات الاجتهاد وكسب الكمال، وبعدما نال الشيخ زين الدين درجة الشهادة - بسبب التشيع - على يد الروميين؛ الملوك العثمانية، توجه المشار إليه المترجم له من وطنه المألوف إلى بلاد العجم، فحظي عند الشاه طهماسب، وصار مصاحبا له معظما عنده في الغاية، وأذعن له علماء العصر بمرتبة الفقاهة والاجتهاد،