وسائل الشيعة (الإسلامية) - الحر العاملي - ج ١٩ - الصفحة ٩١
فعلى العافي اتباع بالمعروف، أي أن لا يشدد في الطلب وينظره إن كان معسرا ولا يطالبه بالزيادة على حقه، وعلى المعفو له أداء إليه باحسان، أي الدفع عند الامكان من غير مطل.
وقيل: كتب عليكم في أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ على جهة الفرض " القصاص في القتلى " المساواة في القتلى أي يفعل بالقاتل مثل ما فعله بالمقتول، ولا خلاف ان المراد به قتل العمد لان العمد هو الذي يجب فيه القصاص دون الخطاء المحض وشبيه العمد، ومتى قيل كيف قال: كتب عليكم القصاص في القتلى، والأولياء مخيرون بين القصاص والعفو واخذ الدية والمقتص منه لا فعل له فيه فلا وجوب عليه؟ فالجواب من وجهين: " أحدهما " أنه فرض عليكم ذلك أن اختار أولياء المقتول القصاص، والفرض قد يكون مضيقا وقد يكون مخيرا فيه.
" والثاني ": أنه فرض عليكم التمسك بما حد عليكم وترك مجاوزته إلى ما لم يجعل لكم وأما من يتولى القصاص فهو امام المسلمين ومن يجري مجراه فيجب عليه استيفاء القصاص عند مطالبة الولي لأنه حق الآدمي ويجب على القاتل تسليم النفس " الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى "، قال الصادق عليه السلام: ولا يقتل حر بعبد ولكن يضرب ضربا شديدا ويغرم دية العبد، وهذا مذهب الشافعي، وقال: ان قتل رجل امرأة فأراد أولياء المقتول ان يقتلوه أدوا نصف ديته إلى أهل الرجل، وهذا هو حقيقة المساواة فان نفس المرأة لا تساوي نفس الرجل بل هي على النصف منها فيجب إذا اخذت النفس الكاملة بالنفس الناقصة ان يرد فضل ما بينهما، وكذلك رواه الطبري في تفسيره عن علي عليه السلام، ويجوز قتل العبد بالحر والأنثى بالذكر اجماعا وليس في الآية ما يمنع من ذلك، لأنه لم يقل لا تقتل الأنثى بالذكر ولا العبد بالحر فما تضمنته الآية معمول به وما قلنا مثبت بالاجماع وبقوله سبحانه " النفس بالنفس " وقوله " فمن عفى له من أخيه شئ " فيه قولان:
أحدهما ان معناه من ترك له وصفح عنه من الواجب عليه وهو القصاص في قتل العمد من أخيه أي من دم أخيه فحذف المضاف للعلم وأراد بالأخ المقتول سماه أخاه للقاتل، فدل أن أخوة الاسلام بينهما لم تنقطع وان القاتل لم يخرج عن الايمان بقتله، وقيل: أراد بالأخ العافي الذي هو ولي الدم سماه الله أخا للقاتل.