شريعة تعتد بالغبن إلا في حالات نادرة) (1).
وقد ذهب إلى عدم ثبوته بعض قدماء أصحابنا كابن الجنيد - كما قيل إن جمعا منهم لم يتعرضوا له أصلا - وتردد في ثبوته بعض المتأخرين كصاحبي الكفاية والذخيرة.
وقد استند المشهور إلى وجوه عمدتها قاعدة (لا ضرر) بدعوى إن اللزوم مع الغبن ضرري فيكون منفيا. وقد عد الشيخ الأنصاري هذا الوجه أقوى ما استدل به لثبوت هذا الخيار، وذكر إنه يشترط في ثبوته عدم علم المغبون بالقيمة فلو علم بالقيمة فلا خيار بل لا غبن بلا خلاف ولا إشكال لأنه أقدم على الضرر (2).
وحيث إن العلم بالقيمة مساوق مع العلم بالضرر فيرجع ذلك إلى القول بعدم شمول (لا ضرر) لما إذا كان ترتب الضرر على اللزوم معلوما فيتجه بذلك الاعتراض السابق من إن الضرر النفي غير مقيد بالجهل (3).
لكن التحقيق إنه لا مجال للاعتراض أصلا لان مفاد قول المشهور بالدقة ليس هو تحديد نفي اللزوم بالعلم، وإنما يرجع إلى تحديده بالاقدام على الضرر لأنهم وإن ذكروا أولا إنه يشترط في ثبوت الخيار عدم علم المغبون بالضرر، لكنهم عللوا ذلك بكون شرائه حينئذ إقداما على الضرر، مما يدل على أنهم يرون عدم شمول الحديث لمورد الاقدام على الضرر لا لمورد العلم به كما هو واضح.
والاقدام على الضرر أعم من العلم به لأنه كما يصدق مع علم المغبون بكون المعاملة ضررية بأن يطلع على القيمة السوقية للمتاع وهي