يكون محتوى لصيغة النفي على أساس التناسب المذكور. وأوضح مصداق للتسبيب إلى ذلك هو تحريم الطبيعة تحريما مولويا لا سيما إذا انضم إلى ذلك تشريع اتخاذ وسائل إجرائية للصد من تحققها خارجا كما هو مفاد مقطع (لا ضرار) من حديث (لا ضرر ولا ضرار) على ما سبق توضيحه.
ولكن لا ينحصر مصداقه بذلك، بل يتحقق في الموارد التالية أيضا:
1 - فصل الماهية الاعتبارية عن آثارها الوضعية التي تترتب عليها عقلاء - كما في المورد الأول من الموارد السابقة للنفي التنزيلي، فهذا المعنى يكون مصداقا للتسبيب إلى عدم الماهية خارجا باعتبار إن مطلوبية مثل هذه الماهيات كالعقود والايقاعات ليست لذاتها، بأن تكون في حد أنفسها مما يدعو إليها قوة نفسية للانسان - كالغضب والشهوة - وإنما هي لأجل تلك الآثار التي تترتب عليها فإذا فصلت عنها كان ذلك موجبا لزوال الرغبة ومؤديا إلى انتفاء الماهية خارجا.
ولأجل ذلك قلنا فيما تقدم إن استعمال صيغة النهي في مثل هذا المورد ليس مجازا لان فصل الطبيعة عن آثارها يوجب انزجار المكلف عنها بالامكان فيكون الزجر عنها زجرا حقيقيا طبعا.
2 - تحديد الماهية التي هي متعلق للامر المولوي - كما في المورد الثالث من الموارد السابقة للنفي التنزيلي -.
وهذا المعنى أيضا يكون مصداقا للتسبيب إلى عدم تحقق الماهية، وذلك من جهة إن الرغبة إلى الماهية في هذا المورد أيضا ليست لذاتها وإنما لأجل امتثال الامر وتفريغ الذمة عن المأمور به، فإذا حدد الشارع الماهية المأمور بها وأخرج منها حصة خاصة كان ذلك موجبا لزوال الرغبة عن تلك الحصة ومؤديا إلى انتفائها خارجا.
ولذلك أيضا قلنا بأن استعمال صيغة النهي في هذا المورد ليس مجازا