الأول: وجود النزاع في شبهة حكمية حيث إن الأنصاري كان لا يرى لسمرة حق الدخول في داره بلا استئذان، ولكن سمرة كان يرى نفسه إنه يجوز له ذلك، لأنه له حق الاستطراق إلى نخلته وليس يريد الدخول في مكان لا حق له في استطراقه حتى يحتاج إلى الاذن من مالك الأرض، وقد احتج بذلك في كلامه مع الأنصاري ومع النبي صلى الله عليه وآله كما تضمنت ذلك معتبرة ابن بكير وخبر ابن مسكان، ففي معتبرة ابن بكير بعد ذكر طلب الأنصاري من سمرة أن يستأذن إذا دخل (فقال: لا أفعل هو مالي أدخل عليه ولا استأذن، فأتى الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وآله فشكى إليه وأخبره فبعث إلى سمرة فجاء فقال له استأذن فأبى، فقال مثل ما قال للأنصاري). وفي خبر ابن مسكان بعد ذلك (فقال: لا أستأذن في طريقي وهو طريقي إلى عذقي، قال: فشكاه الأنصاري إلى رسول الله فأرسل إليه رسول الله فأتاه فقال له: إن فلانا قد شكاك وزعم إنك تمر عليه وعلى أهله بغير أذنه فاستأذن عليه إذا أردت أن تدخل، فقال: يا رسول الله أستأذن في طريقي إلى عذقي!).
الثاني: طلب الأنصاري من النبي صلى الله عليه وآله أن يحميه ويدفع عنه أذى سمرة، وذلك لأنه كان يرى موقفه في النزاع الواقع في استحقاق الدخول دون أذن وعدمه، هو الحق، وكان قد ضاق به الامر من تكرر صدور ذلك من سمرة وإصراره على الدخول دون أذن.
وعلى ضوء هذا: فيمكن القول بأن النبي صلى الله عليه وآله في مورد الأمر الأول - من النزاع الذي نشب بينهما - حكم على وفق القانون الإلهي العام وأمر سمرة بالاستئذان، وهذا القانون هو حرمة الاضرار بالغير، بناء على مسلك النهي، إذ كان دخوله بلا استئذان إضرارا بالأنصاري، أو محدودية حق الاستطراق بعدم لزوم الضرر بالغير - بناء على مسلك النفي - أو بكلا