الحاجة إلى ذلك، والظاهر أنه كان يجمعهما في ثوب واحد. وقيل: كان يقطع الثوب بينهما نصفين. وقيل: المراد بالثوب القبر مجازا، ويرده ما وقع في رواية عن جابر:
فكفن أبي وعمي في نمرة واحدة. وقد ترجم البخاري على هذا الحديث باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر واحد، وأورده مختصرا بلفظ: كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد وليس فيه تصريح بالدفن. قال ابن رشيد: إنه جرى على عادته من الإشارة إلى ما ليس على شرطه أو اكتفى بالقياس يعني على جمعهم في ثوب واحد انتهى. ولا يخفى أن قوله في هذا الحديث قدمه في اللحد يدل على الجمع بين الرجلين فصاعدا في الدفن. وقد أورد الحديث البخاري باللفظ الذي ذكره المصنف في باب الصلاة على الشهيد، فلعل البخاري أشار بما أورده مختصرا إلى هذا لا إلى ما ليس على شرطه، ولا سيما مع اتصال باب دفن الرجلين والثلاثة بباب الصلاة على الشهيد بلا فاصل، وقد ثبت عند عبد الرزاق بلفظ: وكان يدفن الرجلين والثلاثة في القبر الواحد وورد ذكره الصلاة أيضا في هذه القصة عند الترمذي وغيره. وروى أصحاب السنن من حديث هشام بن عامر الأنصاري:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر الأنصار أن يجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر وصححه الترمذي، قال في الفتح: ويؤخذ من هذا جواز دفن المرأتين في قبر واحد، وأما دفن الرجل مع المرأة فروى عبد الرزاق بإسناد حسن عن واثلة بن الأسقع أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد، فيقدم الرجل ويجعل المرأة وراءه، وكأنه كان يجعل بينهما حاجزا لا سيما إذا كانا أجنبيين. قوله: أيهم أكثر أخذا للقرآن فيه استحباب تقديم من كان أكثر قرآنا، ومثله سائر أنواع الفضائل قياسا. قوله: ولم يغسلوا فيه دليل على أن الشهيد لا يغسل وبه قال الأكثر، وسيأتي الكلام في بيان ماهية الشهيد الذي وقع الخلاف في غسله في الصلاة على الشهيد. وقال سعيد بن المسيب والحسن البصري حكاه عنهما ابن المنذر وابن أبي شيبة أنه يغسل، وبه قال ابن سريج من الشافعية، والحق ما قاله الأولون، والاعتذار عن حديث الباب بأن الترك إنما كان لكثرة القتلى وضيق الحال مردود بعلة الترك المنصوصة كما في رواية أحمد المتقدمة وهي رواية لا مطعن فيها. (وفي الباب) أحاديث منها عن أنس عند أحمد والحاكم وأبي داود والترمذي وقال: غريب، وغلط بعض المتأخرين فقال وحسنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يصل على قتلى أحد ولم يغسلهم