قال الحافظ: وإسناده لا بأس به، وهو يرد على القرطبي قوله: لعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يعلم بذلك، ويبعد أن يكون أمر بذلك، لأنه تعذيب صغير بعبادة شاقة غير متكررة في السنة انتهى. مع أن الصحيح عند أهل الأصول والحديث أن الصحابي إذا قال: فعلنا كذا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان حكمه الرفع، لأن الظاهر اطلاعه عليه مع توفر دواعيهم إلى سؤالهم إياه عن الاحكام، مع أن هذا مما لا مجال للاجتهاد فيه لأنه إيلام لغير مكلف فلا يكون إلا بدليل، ومذهب الجمهور أنه لا يجب الصوم على من دون البلوغ، وذكر الهادي في الاحكام أنه يجب على الصبي الصوم بالإطاقة لصيام ثلاثة أيام، واحتج على ذلك بما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيام وجب عليه صيام الشهر كله هذا الحديث ذكره السيوطي في الجامع الصغير وقال: أخرجه المرهبي عن ابن عباس ولفظه: تجب الصلاة على الغلام إذا عقل، والصوم إذا أطاق، والحدود والشهادة إذا احتلم وقد حمل المرتضى كلام الهادي على لزوم التأديب، وحمله السادة الهارونيون على أنه يؤمر بذلك تعويدا وتمرينا.
وعن سفيان بن عبد الله بن ربيعة قال: حدثنا وفدنا الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإسلام ثقيف قالوا: وقدموا عليه في رمضان وضرب عليهم قبة في المسجد فلما أسلموا صاموا ما بقي عليهم من الشهر رواه ابن ماجة. وعن عبد الرحمن بن مسلمة عن عمه أن أسلم أتت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: صمتم يومكم هذا؟ قالوا: لا، قال: فأتموا بقية يومكم واقضوا رواه أبو داود.
الحديث الأول إسناده في سنن ابن ماجة، هكذا حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أحمد بن خالد الوهبي، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عيسى بن عبد الله بن مالك، عن عطية بن سفيان بن عبد الله فذكره، ورجال إسناده فيهم الثقة والصدوق ومن لا بأس به، وفيه عنعنة محمد بن إسحاق، وهذا الحديث هو طرف من حديث قدوم ثقيف على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنزاله لهم المسجد. والحديث الثاني أخرجه الترمذي أيضا من طريق قتادة عن عبد الرحمن بن مسلمة عن عمه فذكره. (والحديث) الأول يدل على وجوب الصيام على من أسلم في رمضان ولا أعلم فيه خلافا. (والحديث