الحديث الأول أخرجه أيضا أبو عوانة والبيهقي وقال: تفرد به النعمان بن راشد، وقال في الخلافيات: رواته ثقات، والرواية الأولى من حديث عبد الله بن زيد ذكرها الحافظ في التلخيص والفتح ولم يتكلم عليها مع معارضتها للرواية الأخرى المذكورة في الصحيحين. وقد أخرج نحوها ابن قتيبة في الغريب من حديث أنس. وقد اختلفت الأحاديث في تقديم الخطبة على الصلاة أو العكس، ففي حديث أبي هريرة، وحديث أنس، وحديث عبد الله بن زيد عند أحمد أنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة، وفي حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين وغيرهما. وكذا في حديث ابن عباس عند أبي داود، وحديث عائشة المتقدم أنه بدأ بالخطبة قبل الصلاة، ولكنه لم يصرح في حديث عبد الله بن زيد الذي في الصحيحين أنه خطب، وإنما ذكر تحويل الظهر لمشابهتها للعيد. وكذا قال القرطبي يعتضد القول بتقديم الصلاة على الخطبة بمشابهتها للعيد، وكذا ما تقرر من تقديم الصلاة أمام الحاجة، قال في الفتح: ويمكن الجمع بين ما اختلف من الروايات في ذلك أنه صلى الله عليه وآله وسلم بدأ بالدعاء ثم صلى ركعتين ثم خطب، فاقتصر بعض الرواة على شئ وعبر بعضهم بالدعاء عن الخطبة فلذلك وقع الاختلاف، والمرجح عند الشافعية والمالكية الشروع بالصلاة، وعن أحمد رواية كذلك. قال النووي: وبه قال الجماهير وقال الليث بعد الخطبة: وكان مالك يقول به ثم رجع إلى قول الجماهير. قال:
قال أصحابنا ولو قدم الخطبة على الصلاة صحتا، ولكن الأفضل تقديم الصلاة كصلاة العيد وخطبتها. وجاء في الأحاديث ما يقتضي جواز التقديم والتأخير، واختلفت الرواية في ذلك عن الصحابة انتهى. وجواز التقديم والتأخير بلا أولوية هو الحق، وحكى المهدي في البحر عن الهادي والمؤيد بالله أنه لا خطبة في الاستسقاء، واستدلا لذلك بقول ابن عباس الآتي ولم يخطب كخطبتكم وهو غفلة عن أحاديث الباب، وابن عباس إنما نفى وقوع خطبة منه صلى الله عليه وآله وسلم مشابهة لخطبة المخاطبين، ولم ينف وقوع مطلق الخطبة منه صلى الله عليه وآله وسلم، كما يدل على ذلك ما وقع في الرواية التي ستأتي من حديثه أنه صلى الله عليه وآله وسلم: كما يدل على ذلك ما وقع في الرواية التي ستأتي من حديثه أنه صلى الله عليه وآله وسلم رقى المنبر. وقد دلت الأحاديث الكثيرة على مشروعية صلاة الاستسقاء، وبذلك قال جمهور العلماء من السلف والخلف، ولم يخالف في ذلك إلا أبو حنيفة مستدلا بأحاديث الاستسقاء التي ليس فيها صلاة. (واحتج الجمهور) بالأحاديث الثابتة في الصحيحين