الأحاديث على المنع من صوم يوم الشك. قال النووي: وبه قال مالك والشافعي والجمهور. وحكى الحافظ في الفتح عن مالك وأبي حنيفة أنه لا يجوز صومه عن فرض رمضان ويجوز عما سوى ذلك. قال ابن الجوزي في التحقيق: ولأحمد في هذه المسألة وهي إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو غيره ليلة الثلاثين من شعبان ثلاثة أقوال: أحدها يجب صومه على أنه من رمضان. وثانيها: لا يجوز فرضا ولا نفلا مطلقا، بل قضاء وكفارة ونذرا ونفلا يوافق عادة. ثالثها: المرجع إلى رأي الامام في الصوم والفطر، وذهب جماعة من الصحابة إلى صومه منهم علي وعائشة وعمر وابن عمر وأنس بن مالك وأسماء بنت أبي بكر وأبو هريرة ومعاوية وعمرو بن العاص وغيرهم، وجماعة من التابعين منهم مجاهد وطاوس وسالم بن عبد الله وميمون بن مهران ومطرف بن الشخير وبكر بن عبد الله المزني وأبو عثمان النهدي. وقال جماعة من أهل البيت باستحبابه، وقد ادعى المؤيد بالله أنه أجمع على استحباب صومه أهل البيت، وهكذا قال الأمير الحسن في الشفاء، والمهدي في البحر، وقد أسند لابن القيم في الهدى الرواية عن الصحابة المتقدم ذكرهم القائلين بصومه، وحكى القول بصومه عن جميع من ذكرنا منهم. ومن التابعين وقال: وهو مذهب إمام أهل الحديث والسنة أحمد بن حنبل، واستدل المجوزون لصومه بأدلة: منها ما أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصومه، وأجيب عنه بأن مرادها أنه كان يصوم شعبان كله لما أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من حديثها قالت: ما رأيته يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان وهو غير محل النزاع، لأن ذلك جائز عند المانعين من صوم يوم الشك، لما في الحديث الصحيح المتفق عليه من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه وأيضا قد تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وآله وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة، ولا العام له ولهم، لأنه يكون فعله مخصصا له من العموم. ومنها ما أخرجه الشافعي عن علي عليه السلام قال:
لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان. وأجيب بأن ذلك من رواية فاطمة بنت الحسين عن علي وهي لم تدركه فالرواية منقطعة، ولو سلم الاتصال فليس ذلك بنافع، لأن لفظ الرواية أن رجلا شهد عند علي على رؤية الهلال فصام وأمر الناس أن يصوموا ثم قال: لأن أصوم الخ، فالصوم لقيام شهادة واحد عنده لا لكونه